المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المجلس الدستوري
ملف عدد: 1170/11
قرار رقم:817/11 م.د
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المجلس الدستوري،
بناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو2011)، لاسيما فصله 177 وكذا فصوله 49 و62 و84 و85 و132 و176 ؛
وبعد الاطلاع على القانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب،المحال إلى المجلس الدستوري بمقتضى رسالة السيد رئيس الحكومة المسجلة بالأمانة العامة للمجلس في 7 أكتوبر2011، وذلك من أجل البتِّ في مطابقته للدستور، على وجه الاستعجال، عملا بأحكام الفقرتين الثانية والرابعة من الفصل 132 من الدستور؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه، لاسيما الفقرة الأولى من المادة21 والفقرة الأولى من المادة 23 والفقرة الثانية من المادة 24 منه ؛
وبناء على المرسوم رقم 2.11.540 الصادر في 10 شوال 1432 (9 سبتمبر 2011) بدعوة مجلس النواب ومجلس المستشارين لعقد دورة استثنائية ؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛
أولا- فيما يتعلق بالاختصاص:
1- حيث إنّ الفصل 132 من الدستور ينص في فقرته الثانية على أنّ القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها تحال إلى المحكمة الدستورية لتبتّ في مطابقتها للدستور؛
وحيث إنّ الفصل177 من الدستور ينص على أنّ المجلس الدستوري القائم حاليا يستمر في ممارسة صلاحياته إلى أن يتم تنصيب المحكمة الدستورية المنصوص عليها في هذا الدستور، مما يكون المجلس الدستوري بموجبه مختصا بالبتِّ في مطابقة القوانين التنظيمية للدستور؛
2- حيث إنّ الفصل 176 من الدستور ينص على أنه "إلى حين انتخاب مجلسي البرلمان، المنصوص عليهما في هذا الدستور، يستمر المجلسان القائمان حاليا في ممارسة صلاحياتهما، ليقوما على وجه الخصوص، بإقرار القوانين اللازمة لتنصيب مجلسي البرلمان الجديدين، وذلك دون إخلال بالأحكام المنصوص عليها في الفصل 51 من هذا الدستور"، الأمر الذي يكون بمقتضاه البرلمان القائم حاليا مختصًّا بإقرار القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ؛
ثانيا- فيما يتعلق بالشكل والإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي:
حيث إنّه يبين من الوثائق المدرجة في الملف أنّ هذا القانون التنظيمي المحال إلى المجلس الدستوري، تم التداول فيه بالمجلس الوزاري المنعقد في 9 سبتمبر2011، وأَودع السيد رئيس الحكومة مشروعه لدى مكتب مجلس النواب في نفس التاريخ، وجرت المداولة فيه من قبل هذا المجلس ابتداء من 29 سبتمبر2011؛
وحيث إنّ القانون المذكور ورد في شكل قانون تنظيمي وفق أحكام الفقرة الثانية من الفصل 62 من الدستور، وتداول فيه المجلس الوزاري طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وتم إيداعه أولاً لدى مكتب مجلس النواب،ولم يتم التداول في مشروعه إلا بعد مضي عشرة أيام من تاريخ إيداعه ووفقا للمسطرة المنصوص عليها في الفصل 84 من الدستور، كما تمّت المصادقة عليه نهائيا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين لمجلس النواب، وذلك كله وفقا لأحكام الفقرة الأولى من الفصل 85 من الدستور؛
ثالثا- فيما يتعلق بالموضوع:
حيث إنّ الدستور يسند في الفقرة الثانية من فصله 62 إلى قانون تنظيمي، بيان عدد أعضاء مجلس النواب، ونظام انتخابهم، ومبادئ التقسيم الانتخابي، وشروط القابلية للانتخاب، وحالات التنافي، وقواعد الحدِّ من الجمع بين الانتدابات، ونظام المنازعات الانتخابية؛
وحيث إنّ القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، المعروض على نظر المجلس الدستوري، يتكون من 100 مادة موزعة على اثني عشر بابا، خُصِّص الأول منها لعدد النواب ونظام انتخابهم ومبادئ التقسيم الانتخابي، والثاني لأهلية الناخبين وشروط قابليتهم للانتخاب، والثالث لحالات التنافي، والرابع للتصريحات بالترشيح، والخامس للحملة الانتخابية، والسادس لتحديد المخالفات المرتكبة بمناسبة الانتخابات والعقوبات المقررة لها، والسابع للعمليات الانتخابية ويتضمن خمسة فروع، خُصِّص الأول منها لإشعار الناخبين بأماكن التصويت وورقة التصويت، والثاني لكيفية تصويت المغاربة المقيمين خارج تراب المملكة، والثالث لمكاتب التصويت والمكاتب المركزية، والرابع لعمليات التصويت، والخامس لفرز الأصوات وإحصائها من لدن مكاتب التصويت، أما الباب الثامن فخصص لقواعد وضع المحاضر وإحصاء الأصوات وإعلان النتائج في ثلاثة فروع، الأول منها خصص لقواعد وضع المحاضر، والثاني لإحصاء الأصوات من لدن المكاتب المركزية ولجان الإحصاء وإعلان النتائج وتوجيه المحاضر، والثالث للإطلاع على المحاضر، أما الباب التاسع فخصص للمنازعات الانتخابية ويتكون من فرعين، الأول منهما خصص للترشيحات، والثاني للعمليات الانتخابية، والباب العاشر خصص لتعويض النواب والانتخابات الجزئية، والباب الحادي عشر لتمويل الحملات الانتخابية للمترشحين بمناسبة الانتخابات التشريعية، أما الباب الثاني عشر والأخير فيشمل أحكاما انتقالية ومختلفة ؛
وحيث إنَّ هذه الأحكام تدخل في مجال القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب كما حددته الفقرة الثانية من الفصل 62 من الدستور؛
وحيث إنه، بعد دراسة هذا القانون التنظيمي مادة مادة، وبصرف النظر عما سيأتي بيانه، فيما يلي، بخصوص المادة الأولى والمواد 5 و6 و14(الفقرة الثانية) و23 والمواد من 38 إلى 69 والمواد 72 و92 (الفقرة الثانية) و97 ، فإنّ باقي مواد القانون التنظيمي المعروض على أنظار المجلس الدستوري تكتسي كلها صبغة قانون تنظيمي وليس فيها ما يخالف الدستور ؛
في شأن المادة الأولى والمواد 5 و23 و85 المتعلقة بالدائرة الانتخابية الوطنية:
حيث إنّ المادة الأولى تنص على إحداث دائرة انتخابية وطنية على صعيد تراب المملكة ينتخب في نطاقها 90 عضوا من الأعضاء الـ395 الذين يتألف منهم مجلس النواب، وهو ما تَولّت المادة 23 بعده وكذا المادتان 5 و85 بيان شروطه وكيفياته ؛
حيث إنه، فضلا عن الإشارة في فصله 17 إلى "اللوائح والدوائر الانتخابية المحلية والجهوية والوطنية" فإنّ الدستور، إلى جانب المبادئ الأساسية التي تضمنها في مجال ممارسة المواطنين والمواطنات لحقوقهم السياسية، جعل المشاركة والتعددية من مرتكزات الدولة الحديثة التي يسعى إلى توطيد وتقوية مؤسساتها (التصدير)، كما أقر عددا من الأهداف الدستورية التي يدعو إلى بلوغها، والمتمثلة بصفة خاصة في تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين والمساواة بينهم ومن مشاركتهم في الحياة السياسية (الفصل 6)، والسعي إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء (الفصل 19)، وتشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية (الفصل 30) وتوسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد (الفصل 33)؛
وحيث إن الدستور متكامل في مبادئه وأهدافه؛
وحيث إن توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي للأهداف المذكورة أعلاه ينطوي على تخويل المشرع إمكانية اتخاذ تدابير قانونية من شأنها تيسير المشاركة الفعلية في الحياة السياسية لفئات واسعة من المجتمع يتعذر عليها –في الوضع الراهن– بلوغ تمثيلية ملائمة في مجلس النواب دون دعم من المشرع؛
وحيث إنه ليس من صلاحيات المجلس الدستوري التعقيب على السلطة التقديرية للمشرع في اختيار نوعية التدابير التشريعية التي يرتضيها سبيلا لبلوغ أهداف مقررة في الدستور، طالما أن ذلك لا يخالف أحكام هذا الأخير؛
وحيث إن إحداث دائرة انتخابية وطنية يروم تحقيق أهداف خاصة مكملة لتلك التي ترمي إليها الدوائر المحلية تتمثل في النهوض بتمثيلية متوازنة للمواطنات والمواطنين، مما يقتضي سنًّ تدابير تكون، في طبيعتها وشروطها والأثر المتوخى منها، كفيلة بتحقيق الأهداف الدستورية التي منها تستمد أصلا مبرر وجودها، وأن لا تتجاوز في ذلك حدود الضرورة، عملا بمبدإ تطابق القواعد القانونية المتخذة مع الهدف المتوخى منها؛
وحيث إنه، مراعاة لذلك، فإن المادة 23 من هذا القانون التنظيمي، تشترط في لائحة الترشيح المقدمة في نطاق الدائرة الانتخابية الوطنية أن تتضمن "أسماء مترشحات أو مترشحين ينتسبون إلى كافة جهات المملكة"، وتنص مادته الخامسة في فقرتها الثانية على أنه "لا يؤهل للترشح للعضوية في مجلس النواب برسم الدائرة الانتخابية الوطنية كل شخص سبق انتخابه عضوا في المجلس المذكور برسم نفس الدائرة الانتخابية"، وهو ما يعد استثناء من مبدإ حرية الترشح، كما أن مادته 85 تنص على تحديد نسبة الأصوات المطلوبة في اللوائح المرشحة للمشاركة في عملية توزيع المقاعد في 3% من الأصوات المعبر عنها على المستوى الوطني، خلافا لنسبة 6% المطلوبة في لوائح الترشيح المقدمة على مستوى الدوائر الانتخابية المحلية؛
وحيث إنه يتبين، مما سبق، أن المشرع، بحرصه على تمثيل كافة جهات المملكة في الدائرة الانتخابية الوطنية وعلى إقرار مبدإ التداول على المقاعد المخصصة لها وعلى توسيع التمثيلية السياسية فيها، وكل ذلك في حدود ما تقتضيه الضرورة، يكون قد وفر، وبالقدر المطلوب، الشروط التي تجعل إحداث هذه الدائرة الوطنية مستجيبا للأهداف الدستورية التي تبرر وجودها؛
وحيث إن المشرع ارتأى إحداث دائرة انتخابية وطنية واحدة تشتمل على جزأين تحتسب نتائج كل منهما – وفق أحكام المادة 85 من هذا القانون التنظيمي– بكيفية مستقلة لا يؤثر الواحد منهما على الآخر؛
وحيث إن عضوية النساء في مجلس النواب المنبثق عن انتخابات 2002 و2007 لم تكن لتبلغ النسبة المحققة لولا ما تم التوافق عليه من حصر الترشيح، ضمن الدائرة الانتخابية الوطنية، في النساء؛
وحيث إن المشرع،بمقتضى المادة 23 من القانون المعروض على المجلس،خصص للنساء –ضمن هذه الدائرة– ستين (60) مقعدا دون إخضاعهن لحد السن، ويكون بذلك قد سن مقتضيات قانونية ترمي –بغض النظر عن مداها– إلى تمتيع المترشحات الإناث بأحكام خاصة من شأنها تحقيق غاية دستورية تتمثل في إتاحة فرص حقيقية للنساء لتَولي الوظائف الانتخابية، تطبيقا لأحكام الفصل 19 من الدستور الذي ينص على "تسعى الدولة إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء"، والفصل 30 الذي يقر بصراحة أنه "ينص القانون على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية"؛
وحيث إن تخويل النساء وضعا خاصا بواسطة هذه الدائرة الانتخابية الوطنية لا يحول دستوريا دون استعمال نفس الوسيلة لتحفيز فئة أخرى طالما أن ذلك يتم من أجل إدراك هدف آخر مقرر بدوره في الدستور؛
وحيث إنه، يبين من الاطلاع على نتائج الانتخابات التشريعية لسنوات 1997 و2002 و2007، من زاوية الهرم العمري للمرشحين الفائزين، أن عدد النواب الذكور الذين لم يكن عمرهم يتجاوز الأربعين في السنة التي جرى فيها الاقتراع في المجالس المنبثقة عن الانتخابات المذكورة اتسم بالتناقص، إذ انتقل من 71 عضوا سنة 1997 إلى 41 عضوا سنة 2002 إلى 36عضوا سنة 2007، مما يجعل هذه الفئة العمرية، في ميدان تمثيلية المواطنين في مجلس النواب، في وضعية متدنية لا تتناسب مع حجمها ودورها داخل المجتمع وتحول –واقعيا– دون إفساح المجال لها للانخراط والمشاركة في التنمية السياسية للبلاد، كما يدعو إلى ذلك الفصل 33 من الدستور المشار إليه أعلاه؛
وحيث إن المشرع، بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 23 من هذا القانون التنظيمي، عندما خصص للمترشحين الذكور الذين لا يزيد سنهم عن أربعين سنة –ضمن الدائرة الانتخابية الوطنية– ثلاثين (30) مقعدا، يكون قد سن تدابير ملائمة لتحقيق توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية السياسية للبلاد؛
وحيث إن تحفيز المشرع إراديا للمترشحات الإناث بغض النظر عن سنهن ولمترشحين ذكور من فئة عمرية معينة يسعى إلى تحقيق غاية مقررة دستوريا ويعد تكريسا لإحدى القيم الكبرى التي ينبني عليها الدستور التي بمراعاتها تتحقق مصلحة عامة؛
وحيث إن عدم إخضاع المترشحات الإناث لقيد السن، خلافا للمترشحين الذكور، يرمي إلى إفساح أوسع مجال ممكن للمترشحات للولوج إلى الوظائف الانتخابية رعيا لوضعهن الراهن في المجتمع المغربي ؛
وحيث إن عدد المقاعد المقرر التنافس عليها في نطاق الدائرة الانتخابية الوطنية، من قبل المترشحات الإناث والمترشحين الذكور الذين لا يتجاوز سنهم أربعين سنة، يظل في حدود 22% من مجموع المقاعد التي يتألف منها مجلس النواب، مما يجعل هذه الوسيلة متناسبة مع الغاية الدستورية المراد بلوغها، ولا يترتب عنها، في هذه الحدود، انتقاص من حقوق الترشيح والانتخاب المخولة لسائر المواطنين؛
وحيث إنه، لئن كانت مقتضيات المادة 23، المشار إليها أعلاه، جاءت لإعمال أهداف مقررة في الدستور، فإنه يتعين في ذلك أيضا استحضار المبادئ الأساسية الثابتة التي يرتكز عليها الدستور في مجال ممارسة الحقوق السياسية، والمتمثلة بالخصوص في المواطنة وحرية الانتخاب والترشيح من خلال اقتراع عام قائم على أساس نفس القواعد والشروط، والمساواة، وتكافؤ الفرص، وحظر ومكافحة كل أشكال التمييز، وفق ما ينص عليه الدستور في تصديره وفي فصوله 2 (الفقرة الثانية) و6 (الفقرة الأولى) و19 (الفقرة الأولى) و30 (المقطع الثاني من الفقرة الأولى)، وهي مبادئ لا تسمح بإضفاء صبغة الديمومة على تدابير قانونية استثنائية تمليها دواع مرحلية ومؤقتة ترمي بالأساس إلى الارتقاء بتمثيلية فئات معينة، وتمكينها من التمرس بالحياة البرلمانية قصد إنماء قدراتها على الانخراط بنجاح في النظام الانتخابي العام؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، فإن تدابير التشجيع والتحفيز، لا سيما تلك المتعلقة بفئة عمرية معينة، بما تنطوي عليه من معاملة خاصة، ينبغي، في مجال ممارسة المواطنين لحقوقهم السياسية، أن تكون تدابير استثنائية محدودة في الزمن يتوقف العمل بها بمجرد تحقق الأهداف التي بررت اللجوء إليها، وهو أمر يعود تقديره للمشرع الذي يسوغ له أيضا اعتماد تدابير قانونية أخرى، غير أسلوب الدائرة الانتخابية الوطنية، لمواصلة السعي إلى بلوغ تلك الأهداف؛
وحيث إنه، مع مراعاة هذا التفسير، فليس في أحكام المادة الأولى والمواد 5 و23 و85 المذكورة أعلاه ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 6 المتعلقة بعدم الأهلية للترشح:
حيث إن أحكام هذه المادة في البند 2 من فقرتها الأولى تنص على أنه لا يؤهل للترشح للعضوية في مجلس النواب "الأشخاص الذين صدر في حقهم قرار عزل من مسؤولية انتدابية أصبح نهائيا بمقتضى حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به، في حالة الطعن في القرار المذكور، أو بسبب انصرام أجل الطعن في قرار العزل دون الطعن فيه"؛
وحيث إن أحكام الفقرة الثانية من نفس المادة تنص على أن مانع الأهلية المشار إليه في البند 2 المذكور يرفع بعد انصرام مدة انتدابية كاملة ابتداء من التاريخ الذي يصير فيه قرار العزل نهائيا؛
وحيث إنّ الدستور في فصله الأول ينص على ربط المسؤولية بالمحاسبة، مما يترتب عنه تحمل كل من يضطلع بمسؤولية عمومية انتخابية أو غيرها تبعات تصرفاته، كما أبرز في فصليه الثاني والحادي عشر مبدأ نزاهة الانتخابات باعتبارها أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي، مما يفترض معه أن يكون جميع المعنيين بها متحلين بقيم النزاهة في سلوكهم وفي تدبيرهم للشؤون العامة التي أسندت إليهم؛
وحيث إن قرار العزل من مسؤولية انتدابية مُحاط بالضمانات القضائية، ومانع الترشيح المؤقت المترتب عنه يتناسب فيه الجزاء مع قرار العزل، فإن ذلك لا يمس بحق الترشيح المضمون دستوريا وليس فيه ما يخالف الدستور؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، ليس في أحكام المادة 6 ما يخالف الدستور؛
في شأن المادتين14 (الفقرة الثانية) و92 (الفقرة الثانية) المتعلقتين بحالات التنافي:
حيث إن أحكام المادة 14 تنص في فقرتها الثانية على أنه في حالة تعيين نائب بصفة عضو في الحكومة تعلن المحكمة الدستورية شغور مقعده، وتضيف نفس الفقرة في مقطعها الأخير: "ويسترجع المعني بالأمر، بحكم القانون، طبق نفس الكيفيات، صفة نائب، برسم مدة الانتداب المعنية، خلال أجل شهر من تاريخ الإعلان عن انتهاء مهامه الحكومية، وذلك ما لم يتم ملء المقعد الشاغر عن طريق انتخابات جزئية بسبب تعذر تطبيق مسطرة التعويض المقررة في هذا القانون التنظيمي"؛
لكن،حيث إنه يستفاد من الفقرة الثانية المذكورة أعلاه، أن المترشح الذي دُعي لملء المقعد الشاغر عن طريق مسطرة التعويض يكون انتدابه مؤقتا ينتهي بانتهاء المهام الحكومية للنائب السابق ؛
وحيث إنه - فضلا عن أنه ليس في الدستور ما يسمح بوجود نيابة برلمانية مؤقتة، وأن المقطع المذكور يتنافى مع مبدإ المساواة بين النواب فيما بينهم - فإنّ الصبغة النهائية لقرارات المحكمة الدستورية التي لا تقبل،طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 134 من الدستور، أي طريق من طرق الطعن وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية، تجعل التصريح بشغور مقعد عضو برلماني نهائيا، ولا يجوز لشاغله السابق استرجاعه برسم مدة الانتداب المعنية؛
وحيث إنه تأسيسا، على ما سبق بيانه، يكون المقتضى الوارد في المقطع الأخير المذكور أعلاه من الفقرة الثانية من المادة 14 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، المعروض على نظر المجلس الدستوري، غير مطابق لأحكام الدستور، وتبعا لذلك، تكون الأحكام الواردة في الفقرة الثانية من المادة 92 المرتبطة بالمقتضى المذكور غير مطابقة بدورها للدستور؛
في شأن المواد من 38 إلى 69 المتعلقة بالمخالفات والعقوبات المقررة لها:
حيث إنه يبين من فحص تلك المواد مادة مادة، أن المشرع، لئن عمد إلى تشديد العقوبات المطبقة على المخالفات المرتكبة بمناسبة الانتخابات، فإنه في ذلك قام بإعمال مقتضيات المادة 11 من الدستور التي تنص على أن الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي، ولم يتجاوز في إقراره لتلك العقوبات مبدأ التناسب بين هذه الأخيرة والمخالفات المرتكبة بمناسبة الانتخابات؛
وحيث إنه، تبعا لذلك، ليس في المواد من 38 إلى 69 من الباب السادس من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، المعروض على أنظار المجلس الدستوري، ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 72 المتعلقة بتصويت المغاربة المقيمين بالخارج:
حيث إن هذه المادة تنص في فقرتها الأولى على أنه يجوز للناخبات والناخبين المقيدين في اللوائح الانتخابية العامة المقيمين خارج تراب المملكة أن يصوتوا في الاقتراع عن طريق الوكالة؛
وحيث إنه، لئن كان التصويت حقـّاً شخصيا بموجب الفصل 30 من الدستور، فإنّ الدستور نفسه أوكل في فصله 17 للقانون تحديد شروط وكيفيات الممارسة الفعلية لحقِّ التصويت وحقّ الترشيح بالنسبة للمغاربة المقيمين في الخارج، انطلاقا من بلدان الإقامة، الأمر الذي يجعل من سنِّ المشرع – في نطاق سلطته التقديرية – إجراء التصويت عن طريق الوكالة من حيث هو استثناء من مبدإ شخصية الانتخاب بالنسبة للفئة المذكورة، على وجه الخصوص، مقرونا بالإجراءات المبينة في الفقرات الموالية من نفس المادة، ليس فيه ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة 97 المتضمنة لأحكام انتقالية ومختلفة:
1- فيما يخص البند الأول من الفقرة الفريدة لهذه المادة:
حيث إن هذا البند ينص على أن مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 5 لهذا القانون التنظيمي لا تطبق على انتخابات أعضاء مجلس النواب المقبل والتي ستجري بعد نشر هذا القانون التنظيمي في الجريدة الرسمية؛
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة 5 المشار إليها تنص على أنه "لا يؤهل للترشيح للعضوية في مجلس النواب برسم الدائرة الانتخابية الوطنية كل شخص سبق انتخابه عضوا في المجلس المذكور برسم نفس الدائرة الانتخابية"؛
وحيث إن الدستور ينص في الفقرة الأخيرة من فصله السادس على أنه ليس للقانون أثر رجعي، فإن مانع الترشيح الذي تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 5 المذكورة لا ينصرف مفعوله إلى الأوضاع السابقة على نشر هذا القانون التنظيمي، مما يجعل هذا المقتضى مجرد مقتضى تشريعي كاشف، وليس فيه بالتالي ما يخالف الدستور؛
2- فيما يخص البند الثاني من نفس المادة :
حيث إن هذا البند ينص على أن حالة تنافي العضوية في مجلس النواب مع رئاسة مجلس جهة المنصوص عليها في المادة 13 من هذا القانون التنظيمي (الفقرة الثانية) لا تطبق على مجالس الجهات المقبلة التي سيتم انتخابها بعد تاريخ نشر هذا القانون التنظيمي في الجريدة الرسمية؛
لكن حيث إنه، إذا كان هذا المقتضى، عملا بمبدإ عدم رجعية القانون، لا يطبق على رؤساء مجالس الجهات المزاولين لمهامهم قبل نشر هذا القانون التنظيمي وإلى حين إجراء الانتخابات التي ستنبثق عنها مجالس الجهات الجديدة، فإن عدم تطبيقه على رؤساء مجالس الجهات المقبلة التي سيتم انتخابها بعد نشر هذا القانون التنظيمي، يترتب عنه تمييز بين من سيتعاقبون مستقبلا على رئاسة مجالس الجهات في ظل هذا القانون وإخلال بيِّنٌ بمبدإ المساواة، كما أنه يجافي مبدأ الحكامة الجيِّدة المقرر في الدستور الذي رعيا له تم سن قاعدة التنافي المذكورة؛
وحيث إنه، لئن كان يحق للمشرع، استثناء من قاعدة الأثر الفوري للقانون، أن يرجئ تنفيذ أحكام تشريعية إلى تاريخ لاحق، بدواع منها تيسير الانتقال من نظام قانوني إلى نظام جديد، أو رعيا لاستقرار الأوضاع القانونية، أو اتخاذ الترتيبات الضرورية لتنفيذ مقتضيات القانون، أو منح الملزمين به مهلة زمنية للتلاؤم مع مقتضياته، أو تدبير أوضاع قانونية محدودة في الزمن تمليها مصلحة عامة، فإنه لا يجوز له، من خلال أحكام انتقالية، تعطيل تطبيق مقتضى تشريعي اتخذ إعمالا لأحكام الدستور لمدة انتدابية كاملة ؛
وحيث إنه، بناء على ذلك، فإن البند الثاني من الفقرة الفريدة من المادة 97 المشار إليه أعلاه غير مطابق للدستور؛
لهذه الأسباب:
أولا- يصرِّح:
- بأن المقطع الأخير من الفقرة الثانية من المادة 14 من القانون التنظيمي رقم 27.11المتعلق بمجلس النواب الذي ينص على"ويسترجع المعني بالأمر، بحكم القانون، طبق نفس الكيفيات، صفة نائب، برسم مدة الانتداب المعنية، خلال أجل شهر من تاريخ الإعلان عن انتهاء مهامه الحكومية، وذلك ما لم يتم ملء المقعد الشاغر عن طريق انتخابات جزئية بسبب تعذر تطبيق مسطرة التعويض المقررة في هذا القانون التنظيمي"، وكذا الفقرة الثانية من المادة 92 المرتبطة به غير مطابقين للدستور؛
- بأن البند الثاني من الفقرة الأولى من المادة 97 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب الذي ينص على "لا تطبق حالة تنافي العضوية في مجلس النواب مع رئاسة مجلس جهة المنصوص عليها في المادة 13 من هذا القانون التنظيمي (الفقرة الثانية) على مجالس الجهات المقبلة التي سيتم انتخابها بعد تاريخ نشر هذا القانون التنظيمي في الجريدة الرسمية" غير مطابق للدستور؛
ثانيا- يصرح بأن باقي أحكام القانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب ليس فيها ما يخالف الدستور، مع مراعاة التفسير الوارد في الحيثيات المتعلقة بالمادة الأولى والمواد 5 و23 و85؛
ثالثا- يصرح بأن المقطع الأخير من الفقرة الثانية من المادة 14المذكور أعلاه، والفقرة الثانية من المادة 92، وكذا البند الثاني من الفقرة الفريدة من المادة 97 المذكور أعلاه أيضا، المقضي بعدم مطابقتها للدستور يمكن فصلها من مقتضيات هذه المواد، ويجوز بالتالي إصدار الأمر بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، المعروض على نظر المجلس الدستوري، باستثناء الأحكام المذكورة؛
رابعا- يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس الحكومة وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الخميس 15 من ذي القعدة 1432 (13 أكــتــوبــر 2011)
الإمضاءات
محمد أشركي
حمداتي شبيهنا ماء العينين ليلى المريني أمين الدمناتي عبد الرزاق مولاي ارشيد
محمد الصديقي رشيد المدور محمد أمين بنعبد الله محمد قصري
محمد الداسر شيبة ماء العينين محمد أتركين