المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المجلس الدستوري
ملف عدد: 1469/15
قرار رقم: 982/15 و.ب
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المجلس الدستوري،
بعد اطلاعه على الرسالة المسجلة بأمانته العامة في 13 نوفمبر 2015، المحالة إليه من طرف السيد رئيس مجلس النواب التي يطلب فيها من المجلس الدستوري البت في ملف النائب السيد عبد العالي دومو، بناء على مقرر مكتب مجلس النواب بشأن بروز حالة الشك في كون أحكام الفصل 61 من الدستور المتعلقة بالتجريد تنطبق على وضعية النائب المذكور؛
وبعد الاطلاع على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف السيد عبد العالي دومو المسجلة بنفس الأمانة العامة في 7 ديسمبر 2015؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)، لاسيما الفصلان 61 و177 منه؛
وبناء على المادة 48 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصـــادر بتـنـفيــذه الظهيــر الشريـــف رقــــم 1.14.139 بتــاريــخ 16 من شــوال 1435 (13أغسطس 2014)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 29.93 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه؛
وبناء على النظام الداخلي لمجلس النواب كما أقره هذا المجلس بتاريخ فاتح أغسطس 2013 المعدل بتاريخ 29 أكتوبر 2013، الذي صرح المجلس الدستوري بمطابقته للدستور بمـوجب قــراريه رقـم 13/924 و13/929 الصــادرين علـى الــتوالي بتــاريخ 22 أغسطـس و19 نوفمبر 2013؛
وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملف؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
أولا- فيما يخص الصلاحية المخولة لمجلسي البرلمان في موضوع التجريد:
حيث إن السيد رئيس مجلس النواب أحال ملف النائب السيد عبد العالي دومو إلى المجلس الدستوري "للبت فيه"، وذلك "تبعا لقرار مكتب مجلس النواب في شأن بروز حالة الشك في كون أحكام الفصل 61 من الدستور تنطبق على وضعية النائب السيد عبد العالي دومو"؛
وحيث إن الفصل 61 من الدستور، بتنصيصه في فقرته الأولى على أنه "يجرد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها"، يكون قد جعل من هذا التجريد قاعدة آمرة لا يملك مجلسا البرلمان، في مرحلة تدارسهما للملف، ولا المحكمة الدستورية، في مرحلة التصريح بشغور المقعد، سوى صلاحية التحقق من حدوث واقعة التخلي، التي يترتب عن ثبوتها تجريد المعني بالأمر، بحكم الدستور، من صفة عضو بأحد مجلسي البرلمان؛
وحيث إن الدستور حين خول للمحكمة الدستورية، بموجب الفقرة الثانية من فصله 61، التصريح بشغور مقعد العضو البرلماني المعني بالتجريد، إنما أراد من وراء ذلك أن يجعل وضعية البرلماني، الذي نسبت إليه واقعة التخلي والمعرض لفقدان صفته عضوا بأحد مجلسي البرلمان، في يد هيئة قضائية دستورية لا تصرح بشغور المقعد إلا بعد التحقق التام من ثبوت واقعة التخلي؛
وحيث إن ما تضمنته هذه الفقرة من كون الإحالة إلى المحكمة الدستورية من طرف رئيس المجلس الذي يعنيه الأمر تتم "وفق أحكام النظام الداخلي للمجلس المعني، الذي يحدد أيضا آجال ومسطرة الإحالة على المحكمة الدستورية" تعني أن هذا المجلس يضع، من خلال نظامه الداخلي، الإجراءات التي تمكنه من التأكد من واقعة التخلي والرامية أساسا إلى صيانة حقوق العضو البرلماني المعني بالتجريد، وهي، من أجل ذلك، إجراءات تلزم المجلس البرلماني المعني وحده، ولا يمكن أن يستفاد منها أن هذا الأخير يملك صلاحية البت بصفة نهائية في مآل ملف عضو البرلمان المنسوبة إليه واقعة التخلي؛
وحيث إنه، إذا تعذر على مكتب أحد مجلسي البرلمان، بعد اتباع الإجراءات المنصوص عليها لهذه الغاية في نظامه الداخلي، اتخاذ مقرر يثبت واقعة التخلي، إما بسبب الشك في طبيعة هذه الواقعة ومداها أو بسبب حدوث خلاف بين أعضاء مكتب المجلس بشأنها، فإن ذلك لا يجوز أن يكون مبررا لتعطيل تطبيق الأحكام الآمرة للفصل 61 من الدستور، مما يتعين معه على رئيس المجلس إحالة الملف، في جميع الأحوال، إلى المحكمة الدستورية للبت فيه؛
وحيث إنه، بناء على ذلك، فإن إحالة السيد رئيس مجلس النواب، بناء على مقرر مكتب هذا المجلس، ملف النائب السيد عبد العالي دومو إلى المجلس الدستوري للبت فيه، نظرا لقيام حالة الشك بشأن انطباق أحكام الفصل 61 من الدستور على النائب المذكور، مطابقة للدستور؛
ثانيا- فيما يتعلق بالشكل والإجراءات المتبعة:
حيث إن الدستور ينص في الفقرة الثانية من فصله 61 على "وتصرح المحكمة الدستورية بشغور المقعد، بناء على إحالة من رئيس المجلس الذي يعنيه الأمر، وذلك وفق أحكام النظام الداخلي للمجلس المعني، الذي يحدد أيضا آجال ومسطرة الإحالة على المحكمة الدستورية"؛
وحيث إن النظام الداخلي لمجلس النواب ينص، في الفقرات الثالثة والرابعة والسادسة من مادته العاشرة، على أن مكتب المجلس يقوم بالتأكد من واقعة التخلي، عبر دعوة المعني بالأمر بإحدى وسائل التبليغ القانونية، لتأكيد موقفه كتابة داخل أجل 15 يوما، ويصدر مقررا يثبت واقعة التخلي ويرفقه بطلب التجريد من العضوية الذي يحيله رئيس مجلس النواب على المحكمة الدستورية في أجل أقصاه 15 يوما بعد ثبوت واقعة التخلي؛
وحيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف أن مجلس النواب قد راعى الإجراءات الجوهرية، المنصوص عليها في المادة العاشرة من نظامه الداخلي المذكورة أعلاه، الرامية إلى صيانة حقوق النائب السيد عبد العالي دومو المعرض للتجريد، لاسيما ما يتعلق بدعوته، بواسطة مفوض قضائي، لتأكيد موقفه كتابة داخل الأجل المحدد، وبمناقشة مكتب المجلس للأمر قبل إحالة رئيس المجلس للملف إلى المحكمة الدستورية؛
ثالثا- فيما يتعلق بالموضوع:
حيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف أن النائب السيد عبد العالي دومو:
- ترشح لانتخابات أعضاء مجلس النواب المجراة في 25 نوفمبر 2011 باسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية،
- صدر في حقه قرار عن المكتب السياسي للحزب المذكور بتاريخ 2 مارس 2015، يقضي بالتشطيب عليه من العضوية بهذا الحزب، حسب البلاغ المنشور بصحيفة الاتحاد الاشتراكي عدد 10947 بتاريخ 4 مارس 2015، التي استحضر المجلس الدستوري نسخة منها،
- ترشح للانتخابات الجماعية المجراة بتاريخ 4 سبتمبر 2015 بدون انتماء سياسي؛
وحيث إنه، يستفاد من الفصل 61 من الدستور أن التجريد من صفة عضو بأحد مجلسي البرلمان رهين بالتخلي الإرادي للعضو المعني عن الانتماء السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، وهو ما لا ينطبق على العضو البرلماني الذي تم فصله بقرار من الحزب الذي كان ينتمي إليه؛
وحيث إن ترشح النائب السيد عبد العالي دومو، بصفته لا منتميا، للانتخابات الجماعية كان لاحقا عن قرار فصله من الحزب السياسي الذي ترشح باسمه لانتخابات أعضاء مجلس النواب، مما تكون معه أحكام الفصل 61 من الدستور، فيما يخص تغيير الانتماء السياسي، لا تنطبق عليه؛
لهذه الأسباب:
أولا- يقضي بعدم تجريد السيد عبد العالي دومو من صفة عضو بمجلس النواب؛
ثانيا- يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الطرف المعني، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم السبت 7 من ربيع الأول 1437 (19 ديسمبر 2015 )
الإمضاءات
محمد أشركي
حمداتي شبيهنا ماء العينين ليلى المريني أمين الدمناتي عبد الرزاق مولاي ارشيد
محمد الصديقي رشيد المدور محمد أمين بنعبد الله
محمد الداسر شيبة ماء العينين محمد أتركين