المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المجلس الدستوري
ملف عدد: 15/ 1428
قرار رقم: 15/ 969 م. د
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المجلس الدستوري،
بعد اطلاعه على القانون التنظيمي رقم 33.15، القاضي بتتميم وتغيير القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.166 بتاريخ 24 من ذي القعدة 1432 (22 أكتوبر2011)، المحال إلى المجلس الدستوري بمقتضى رسالة السيد رئيس الحكومة المسجلة بالأمانة العامة للمجلس في 9 يونيو2015، قصد البت في مطابقته للدستور على وجه الاستعجال، وهو ما راعاه المجلس الدستوري؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو2011)، لاسيما الفصول 7 و132 و177 منه؛
وبناء على المادة 48 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 29.93 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه، لاسيما المواد 21 (الفقرة الأولى) و23 (الفقرة الأولى) و24 منه؛
وبعد الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
أولا– فيما يتعلق بالاختصاص:
حيث إن الفصل 132 من الدستور ينص في فقرته الثانية على أن القوانين التنظيمية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، تحال إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور؛
وحيث إن المجلس الدستوري، القائم حاليا، يستمر في ممارسة صلاحياته إلى حين تنصيب المحكمة الدستورية، عملا بأحكام الفصل 177 من الدستور ومقتضيات المادة 48 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية التي جاءت تطبيقا له، الأمر الذي بموجبه يكون المجلس الدستوري مختصا بالبت في مطابقة القوانين التنظيمية للدستور؛
ثانيا- فيما يتعلق بالشكل والإجراءات المتبعة:
حيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف أن القانون التنظيمي رقم 33.15 القاضي بتتميم وتغيير القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، المعروض على نظر المجلس الدستوري، اتخذ في شكل قانون تنظيمي وفق أحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 7 من الدستور، وجرى التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 15 مايو 2015 طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وقام السيد رئيس الحكومة بإيداعه بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب بتاريخ 21 مايو 2015، وأن هذا المجلس لم يشرع في التداول فيه إلا بعد مضي عشرة أيام على إيداعه لدى مكتبه، وذلك في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 17 يونيو 2015، التي وافق خلالها على المشروع المذكور، كما تداول في شأنه مجلس المستشارين وصادق عليه في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 23 يونيو 2015، والكل وفق أحكام الفصلين 84 و85 من الدستور؛
ثالثا- فيما يتعلق بالموضوع:
حيث إن الدستور يسند في الفقرة الأخيرة من فصله السابع إلى قانون تنظيمي تحديد القواعد المتعلقة، بصفة خاصة، بتأسيس الأحزاب السياسية وأنشطتها ومعايير تخويلها الدعم المالي للدولة، وكذا كيفيات مراقبة تمويلها؛
وحيث إن القانون التنظيمي رقم 33.15، المعروض على نظر المجلس الدستوري، القاضي بتتميم وتغيير القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.166 بتاريخ 24 من ذي القعدة 1432 (22 أكتوبر2011)، يتكون من مادتين، تتمم الأولى منهما الباب الخامس بفرع أول مكرر يتعلق بتحالفات الأحزاب السياسية بمناسبة الانتخابات، وتتمم الثانية منهما المادتين 20 و36 منه؛
وحيث إنه، يبين من فحص هذه التعديلات أنها تكتسي صبغة قانون تنظيمي؛
في شأن المادة الأولى:
حيث إن هذه المادة تنص على أن الباب الخامس من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية يتمم بفرع أول مكرر يشتمل على مادتين: 55.1 و55.2؛
فيما يخص المادة 55.1:
حيث إن هذه المادة تنص على أنه "يمكن لحزبين سياسيين أو أكثر أن تؤلف تحالفا فيما بينها بمناسبة انتخابات أعضاء المجالس الجماعية والجهوية، ويسري التحالف على الصعيد الوطني، ولا يجوز لحزب سياسي أن ينتمي إلى أكثر من تحالف واحد برسم نفس الانتخابات"، وأنه "يمكن لتحالف أحزاب سياسية أن يقدم بتزكية منه لوائح تضم مترشحين ينتسبون وجوبا للأحزاب المؤلفة له كلها أو بعضها عند الاقتضاء، ويشار في لوائح الترشيح إلى الانتماء السياسي لكل مترشح، كما يمكن للتحالف أن يقدم بتزكية منه مترشحين ينتسبون وجوبا لأحد الأحزاب المؤلفة له في الدوائر الانتخابية التي يجري فيها الانتخاب عن طريق الاقتراع الفردي"، وأن هذه الأحكام تطبق أيضا في شأن انتخابات أعضاء الغرف المهنية؛
وحيث إن نهوض الأحزاب السياسية بالمهام المنوطة بها، بموجب الفصل السابع من الدستور، يتيح لها التعاون فيما بينها؛
وحيث إن التعاون بين الأحزاب السياسية يمكن أن يكتسي أشكالا عدة، من ضمنها التحالف بين حزبين أو أكثر؛
وحيث إنه، يعود للمشرع أن يخضع كل شكل من أشكال هذا التعاون لضوابط وشروط خاصة، طالما أنها لا تتعارض مع أحكام الدستور؛
وحيث إنه، ليس في الدستور ما يحول دون تأليف حزبين سياسيين أو أكثر لتحالف فيما بينها بمناسبة انتخابات أعضاء المجالس الجماعية والجهوية وكذا أعضاء الغرف المهنية، ما دامت لوائح الترشيح المقدمة بتزكية من هذا التحالف لخوض الانتخابات المذكورة يشار فيها إلى الانتماء السياسي لكل مترشح، وما دام المترشحون الذين يقوم التحالف بتزكيتهم في الدوائر الانتخابية التي يجري فيها الانتخاب عن طريق الاقتراع الفردي يشترط فيهم الانتساب وجوبا لأحد الأحزاب المؤلفة له؛
وحيث إن الشروط المذكورة تتيح للناخبين التعرف المسبق على الانتماء السياسي للمترشحين في إطار تحالف انتخابي، وتتيح للأحزاب السياسية المؤلفة للتحالف احتساب الأعضاء المنتمين إليها الفائزين بالمقاعد عقب إعلان نتائج هذه الانتخابات؛
وحيث إنه، بناء على ذلك، فليس في المادة 55.1 المذكورة أعلاه ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة الثانية:
حيث إن هذه المادة تنص على تتميم أحكام المادة 20 من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية بإضافة فقرتين ثانية وثالثة إليها، وعلى تعديل أحكام الفقرتين الأولى والثانية من المادة 36 من نفس القانون التنظيمي وإضافة فقرة ثالثة إليها؛
فيما يخص الفقرة الثانية المضافة إلى المادة 20:
حيث إن المادة 20 من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية تنص على أنه "لا يمكن لعضو في أحد مجلسي البرلمان أو في مجالس الجماعات الترابية أو في الغرف المهنية التخلي عن الانتماء للحزب السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، تحت طائلة تجريده من عضويته في المجالس أو الغرف المذكورة"؛
وحيث إن الفقرة الثانية المضافة إلى هذه المادة، بموجب القانون التنظيمي رقم 33.15، تنص على أنه "يعتبر كل عضو في وضعية التخلي عن الانتماء للحزب السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، في مفهوم هذا القانون التنظيمي، إذا قرر الحزب وضع حد لانتمائه إليه، وذلك بعد الالتزام بالإجراءات المنصوص عليها في النظام الأساسي للحزب في هذا الشأن واستنفاد مسطرة الطعن القضائي عند الاقتضاء"؛
وحيث إنه، يستفاد من هذه الفقرة أن قرار حزب سياسي بوضع حد لانتماء أحد أعضائه إليه ـ الذي اعتبر بمثابة تخلي هذا العضو عن الانتماء للحزب الذي ترشح باسمه ـ يفضي إلى إمكان تجريده من العضوية بمجلس الجماعة الترابية أو الغرفة المهنية التي انتخب فيها؛
وحيث إن المادة 20 المذكورة مستمدة من الفصل 61 من الدستور؛
وحيث إنه، يستخلص من الفصل 61 من الدستور أن التجريد من صفة عضو في أحد مجلسي البرلمان ينحصر في من تخلى إراديا عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها؛
وحيث إنه، عندما يتعلق الأمر بجزاء ربطه الدستور بسبب محدد، فإن المشرع لا يجوز له إضافة سبب آخر لترتيب نفس الجزاء؛
وحيث إن التجريد من صفة عضو في مجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية يضع حدا لانتداب ممثلي المواطنات والمواطنين في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه؛
وحيث إنه، بناء على ما سبق بيانه، تكون الفقرة الثانية المضافة إلى المادة 20 من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، بموجب المادة الثانية من القانون التنظيمي رقم 33.15، مخالفة للدستور؛
فيما يخص التعديل المدخل على المادة 36:
حيث إن هذا التعديل ينص على أنه "يراعى في توزيع مبلغ مساهمة الدولة ... عدد الأصوات التي يحصل عليها كل حزب أو تحالف الأحزاب المشار إليه في المادة 55.1 من هذا القانون التنظيمي على الصعيد الوطني وعدد المقاعد التي يفوز بها كل حزب أو كل تحالف على الصعيد نفسه"، وأنه "تحتسب الأصوات والمقاعد التي حصلت عليها لوائح الترشيح المقدمة من لدن تحالف الأحزاب السياسية وكذا الأصوات والمقاعد التي نالها المترشحون الذين تقدموا للانتخابات المعنية بتزكية من التحالف أو بتزكية من الأحزاب التي ينتمون إليها لتحديد المبلغ الراجع للتحالف برسم مساهمة الدولة ... ويوزع هذا المبلغ بالتساوي بين الأحزاب المؤلفة للتحالف"؛
وحيث إن مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية لتحالف الأحزاب السياسية، يحدد على أساس عدد الأصوات والمقاعد التي حصلت عليها لوائح الترشيح المقدمة من لدن تحالف الأحزاب، وكذا الأصوات والمقاعد التي نالها المترشحون الذين تقدموا للانتخابات المعنية بتزكية من هذا التحالف أو بتزكية مباشرة من الأحزاب التي ينتمون إليها، وهي نفس المعايير المطبقة في توزيع مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية لمختلف الأحزاب السياسية؛
وحيث إن مبلغ هذه المساهمة لا يمنح إلى تحالف الأحزاب السياسية ذاته، باعتباره كيانا قائما، بل يوزع بالتساوي بين الأحزاب المتحالفة؛
وحيث إن توزيع مبلغ مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية لتحالف الأحزاب السياسية، وفق الطريقة المذكورة، لا يحول دون قيام المجلس الأعلى للحسابات بتدقيق حسابات الأحزاب السياسية المشاركة في هذا التحالف، وفحص صحة نفقاتها برسم الدعم المالي المخول لها من طرف الدولة سواء للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها أو في تمويل حملاتها الانتخابية، إعمالا للفقرة الأخيرة من الفصل 147 من الدستور، وطبقا للمقتضيات الواردة في الفرع الرابع من الباب الرابع من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية؛
وحيث إنه، بناء على ذلك، فليس في المادة 36 من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، كما جرى تعديلها وتتميمهما بموجب المادة الثانية من القانون التنظيمي رقم 33.15، ما يخالف الدستور؛
لهذه الأسباب:
أولا- يصرّح بأن الفقرة الثانية المضافة، بموجب المادة الثانية من القانون التنظيمي رقم 33.15، إلى المادة 20 من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.166 بتاريخ 24 من ذي القعدة 1432 (22 أكتوبر2011)، التي تنص على أنه "يعتبر كل عضو في وضعية التخلي عن الانتماء للحزب السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، في مفهوم هذا القانون التنظيمي، إذا قرر الحزب وضع حد لانتمائه إليه، وذلك بعد الالتزام بالإجراءات المنصوص عليها في النظام الأساسي للحزب في هذا الشأن واستنفاد مسطرة الطعن القضائي عند الاقتضاء" غير مطابقة للدستور؛
ثانيا - يصرح بأن باقي مقتضيات القانون التنظيمي رقم 33.15 القاضي بتتميم وتغيير القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، مطابق للدستور؛
ثالثا - يصرح بأن الفقرة الثانية المضافة إلى المادة 20 من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، بموجب المادة الثانية من القانون التنظيمي رقم 33.15، المصرح بعدم مطابقتها للدستور، يمكن فصلها من مقتضيات هذه المادة، ويجوز بالتالي إصدار الأمر بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 33.15 بعد حذف الفقرة المذكورة؛
رابعا - يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الأحد 25 من رمضان 1436 (12 يوليو 2015)
الإمضاءات:
محمد أشركي
حمداتي شبيهنا ماء العينين ليلى المريني أمين الدمناتي
عبد الرزاق مولاي ارشيد محمد الصديقي رشيد المدور
محمد أمين بنعبد الله محمد الداسر شيبة ماء العينين محمد أتركين