المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المجلس الدستوري
ملفات عدد : 1189/11 و1208/11 و1252/11
قــرار رقـم : 888/12 م.إ
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المجلس الدستوري،
بعد اطلاعه على العرائض الثلاث المسجلة بأمانته العامة في 2 و6 و9 ديسمبر2011 المقدمة من لدن كل من السادة صالح بسكري ومحمد اعمارة والحسين بلكطو، بصفتهم مرشحين، الأولى في مواجهة جميع المعلن عن فوزهم، والثانية في مواجهة السيدين عبد الصمد اكداش وعبد الرحمان رحيمي ، والثالثة في مواجهة السيد عبد الغاني جناح، طالبين فيها جميعا إلغاء انتخابهم في الاقتـراع الذي أجري في 25 نوفمبر2011 بالدائرة الانتخابية المحلية "شيشاوة" (إقليم شيشاوة)، وأعلن على إثره انتخاب السادة عبد الغاني جناح وعبد الرحمان رابح وعبد الصمد اكداش وعبد الرحمان رحيمي أعضاء بمجلس النواب؛
وبـعـد الاطـلاع عـلى الـمذكرات الجوابية الـمسجلة بنفس الأمانة العامة فـي 16 و17 و20 و23 و24 فبراير 2012؛
وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملفات؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)، لا سيما الفصل 177 وكذا الفقرة الأولى من الفصل 132 منه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.165 بتاريخ 16 من ذي القعدة 1432 (14 أكتوبر 2011)؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
وبعد ضم الملفات الثلاث للبت فيها بقرار واحد لتعلقها بنفس العملية الانتخابية؛
أولا ـ فيما يتعلق بالطعن الموجه ضد السيد عبد الغاني جناح :
من حيث الشكل :
حيث إن المطعون في انتخابه يدفع بعدم قبول عريضة الطعن من حيث الشكل لتقديمها في مواجهته وحده دون باقي المنتخبين بالدائرة الانتخابية سالفة الذكر؛
لكن، حيث إنه يستفاد من مقتضيات المادتين 29 و31 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري أن الطعن في صحة الانتخاب يوجه ضد المنتخب أو المنتخبين المنازع في انتخابهم، ولا يوجد ضمن مقتضيات القانون المذكور ما يلزم من توجيه الطعن ضد جميع المنتخبين بدائرة انتخابية؛
وحيث إنه، تأسيسا على ذلك، يكون الدفع بعدم قبول الطعن شكلا غير مرتكز على أساس صحيح من القانون؛
من حيث الموضوع :
في شأن المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية والمناورات التدليسية:
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى أن المطعون في انتخابه السيد عبد الغاني جناح استعمل أساليب تدليسية لتضليل الناخبين واستمالتهم للتصويت لفائدته، تمثلت في ادعائه، من خلال منشوره الانتخابي، المعتمد في الحملة الانتخابية أنه حاصل على الإجازة في العلوم الاقتصادية وماجستير في تسيير الموارد البشرية ودبلوم تقني في الإعلاميات، في حين أنه لا يتوفر إلا على مستوى شهادة الباكالوريا، وهو ما يشكل مخالفة يعاقب عليها القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب بموجب المادة 51 منه وأنه استعمل الرموز الوطنية في الحملة الانتخابية من خلال تعليق الأعلام الوطنية على الجدران التي يستعملها في الدعاية الانتخابية، وقام بمعية معاونيه بتوزيع الأموال على الناخبين لشراء أصواتهم؛
وحيث إنه، يبين من الاطلاع على المنشور الانتخابي المدرج بالملف أنه يتضمن حصول المطعون في انتخابه المذكور على الإجازة في العلوم الاقتصادية وماجستير في تسيير الموارد البشرية ودبلوم تقني في الإعلاميات وأنه مسؤول الموارد البشرية بشركة كبرى بالدار البيضاء؛
وحيث إنه، من جهة، حتى على فرض صحة ما ادعاه المطعون في انتخابه من كونه سحب المنشور المذكور من دعايته الانتخابية وعوضه بمنشور ثان مغاير، فإن ذلك لا ينفي توزيع المنشور الأول المتضمن لبيانات مغلوطة بشأن مؤهلاته العلمية واستعماله خلال الحملة الانتخابية، ومن جهة أخرى، فإن المنشور الثاني الذي أدلى به الطاعن يتضمن بدوره معلومات غير مطابقة للواقع بخصوص مؤهلاته المهنية، إذ ورد فيه أنه مسؤول الموارد البشرية في شركة كبرى، في حين أن الشهادة المؤرخة في 10 فبراير 2012 التي أدلى بها المطعون في انتخابه نفسه تتضمن أنه مجرد مستخدم بالشركة المذكورة؛
وحيث إن الفصل 11 من الدستور ينص في فقرته الأولى على أن الانتخابات الحرة والنزيهة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي، وإن المادة 89 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب تنص على بطلان الانتخابات جزئيا أو مطلقا إذا لم يكن الاقتراع حرا أو شابته مناورات تدليسية؛
وحيث إن استعمال المطعون في انتخابه لمنشورات انتخابية تتضمن بيانات غير صحيحة بشأن مؤهلاته العلمية والمهنية، يشكل تضليلا للناخبين ومناورة تدليسية تتنافى مع مبدإ نزاهة وشفافية الانتخابات، مما يتعين معه إبطال انتخابه عضوا بمجلس النواب؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، لا حاجة للتعرض لباقي المآخذ المثارة ضد المطعون في انتخابه؛
ثانيا ـ فيما يتعلق بالطعن الموجه ضد باقي المطعون في انتخابهم :
في شأن المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية والمناورات التدليسية :
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى، من جهة أولى، أن المطعون في انتخابهم قاموا بتوزيع الأموال على الناخبين بواسطة "سماسرة" الانتخابات من أجل التصويت لفائدتهم، وأن رؤساء الجماعات القروية المرشحين أو المساندين لهم استعملوا وسائل الجماعات القروية في الحملة الانتخابية سواء بأنفسهم أو بواسطة الغير وقدموا وعودا بإنجاز مشاريع للناخبين وتوظيفهم، وأن المطعون في انتخابه الرابع ومعاونيه استغلوا وضعية الناخبين البعيدين عن مكاتب التصويت لنقلهم إلى هذه المكاتب من أجل التصويت لفائدته مقابل مبالغ مالية، ومن جهة ثانية، أن المطعون في انتخابه الثالث ادعى في منشوره الانتخابي أنه يتوفر على ماجستير في السياسات العمومية في حين أن مستواه الدراسي لا يتجاوز مستوى الباكالوريا، وأن من شأن ذلك تضليل الناخبين وحملهم على الاعتقاد أنه حاصل على شهادة علمية تشهد له بالكفاءة في ميدان تدبير الشأن العمومي، كما أن معاونيه كانوا يهددون كل من صوت لغير اللائحة التي هو وكيلها بالانتقام منه، ومن جهة ثالثة، أن السلطة المحلية التزمت "الحياد السلبي" رغم إبلاغها بالخروقات المذكورة التي شابت العملية الانتخابية و"بالحركات" الداعية إلى مقاطعة الانتخابات؛
لكن، حيث، من جهة أولى، إن الادعاءات المذكورة جاءت عامة ولم تدعم إلا بإفادات لا تنهض وحدها حجة على إثبات صحة الادعاء، ومن جهة ثانية، إنه، خلافا للادعاء، يبين من الاطلاع على الشهادة المدلى بها من طرف المطعون في انتخابه الرابع المؤرخة في 12 يوليو2011 و الصادرة عن جامعة الحسن الثاني المحمدية ـ الدارالبيضاء، أنه حاصل على الإجازة في العلوم الاقتصادية من الجامعة المذكورة ومسجل فيها بالدراسة في الماجستير في السياسة العمومية حسب شهادة التسجيل المؤرخة في 8 نوفمبر2011، ومن ثم فإن منشوره الانتخابي لم يتضمن أي بيانات مضللة، وأن ما ادعي من تهديد الناخبين بواسطة أنصاره من أجل التصويت لفائدته لم يدعم بأي حجة تثبته، ومن جهة ثالثة، إن الادعاء المتعلق "بالحياد السلبي للسلطة" من الخروقات التي شابت العملية الانتخابية جاء عاما ومجردا من أي حجة تثبته، أما ما ادعي من وجود "حركات " كانت تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، فإن ذلك، على فرض ثبوته، ليس له تأثير على سلامة العملية الانتخابية؛
وحيث إنه، تأسيسا على ذلك، تبقى المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية والمناورات التدليسية غير مرتكزة على أساس؛
في شأن المأخذين المتعلقين بتشكيل بعض مكاتب التصويت :
حيث إن هذين المأخذين يتمثلان في دعوى، من جهة، أن رؤساء مكاتب التصويت تم تعيينهم من موظفي جماعات يرأس مجالسها مرشحون للانتخاب، مما ينفي عنهم النزاهة والحياد، بل إن بعضهم قام بالتصويت نيابة عن الناخبين الغائبين بجماعة تمزكدوين وأفلايسن لفائدة رؤسائهم، ومن جهة أخرى، أن معظم أعضاء مكاتب التصويت لا يحسنون القراءة والكتابة كما يستنتج ذلك من شكل توقيعاتهم على محاضر العملية الانتخابية؛
لكن، حيث، من جهة، إنه ليس في المادة 74 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ما يمنع تعيين رؤساء مكاتب التصويت من بين موظفي جماعة يرأس مجلسها مرشح للانتخاب، طالما لم يقترن ذلك بتحيز رؤساء تلك المكاتب أو بالإخلال بما يجب أن يتوفر فيهم من نزاهة وحياد، وهو ما لم يثبته الطاعن، ومن جهة أخرى، إن ما ادعي من أن معظم أعضاء مكاتب التصويت لا يحسنون القراءة والكتابة جاء عاما لعدم تحديد أرقام ومقار مكاتب التصويت المعنية حتى يتأتى للمجلس الدستوري الرجوع إلى محاضرها للتحقق من صحة الادعاء، ولا يلزم بالضرورة من شكل التوقيعات الواردة بها أن أصحابها لا يحسنون القراءة والكتابة؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، يبقى المأخذان المتعلقان بتشكيل بعض مكاتب التصويت غير جديرين بالاعتبار؛
في شأن المآخذ المتعلقة بسير الاقتراع وفرز وإحصاء الأصوات :
حيث إن هذه المآخذ تقوم على دعوى، من جهة أولى، أنه تم منع العديد من الناخبين من الإدلاء بأصواتهم بمكاتب التصويت لاختلاف هويتهم وأرقام بطاقاتهم الوطنية عما هو مسجل باللوائح الانتخابية بغاية إقصاء مناصري الطاعن الأول خصوصا بجماعة تمزكدوين ، كما أن بعض رؤساء مكاتب التصويت اعتمدوا رخص السياقة ودفتر الحالة المدنية في التصويت بديلا عن البطاقة الوطنية للتعريف، ومن جهة ثانية، أن رؤساء مكاتب التصويت سمحوا للرجال بالتصويت نيابة عن زوجاتهم وأقاربهم في العديد من مكاتب التصويت التابعة للدائرة الانتخابية، فأقروا بذلك التصويت بالوكالة خلافا لمقتضيات المادة 77 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، ومن جهة ثالثة، أن بعض نواب الطاعن الأول منعوا من حضور عملية الاقتراع رغم توفرهم على انتداب بذلك، مما أتاح لأعضاء مكاتب التصويت إلغاء عدد كبير من أوراق التصويت بهذه المكاتب، وأن بعض مكاتب التصويت بجماعة أفلايسن عرفت تلاعبا في نتائج التصويت كما تدل على ذلك نسبة التصويت المرتفعة ومحدودية عدد الأوراق الملغاة بمكتبي التصويت رقم 146 و277 بجماعة أفلايسن التابعين للجماعة المذكورة، ومن جهة رابعة، أنه تم إغلاق مكتب التصويت رقم 705 بجماعة إمندونيت ساعة قبل الوقت القانوني لاختتام الاقتراع؛
لكن، حيث، من جهة، إن ما تضمنته ادعاءات الطاعن المذكور من منع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم والسماح لبعضهم بالتصويت بغير البطاقة الوطنية للتعريف ومنع ممثلي الطاعن من حضور عملية الاقتراع والسماح للرجال بالتصويت نيابة عن زوجاتهم وأقربائهم جاءت عامة، إذ لم يحدد الطاعن أرقام ومقار مكاتب التصويت المعنية ليتأتى للمجلس الدستوري الرجوع إليها للتحقق مما جاء في الادعاء ولم تدعم بأي حجة تثبتها، والإفادات المدلى بها لا تنهض وحدها حجة على إثبات صحة ما ورد في الادعاء بخصوص التصويت بالنيابة، أما ارتفاع نسبة التصويت وقلة الأوراق الملغاة فلا يشكلان في حد ذاتهما قرينة على قيام مناورة تدليسية؛
ومن جهة أخرى، إنه يبين من الاطلاع على نظير محضر مكتب التصويت رقم 705 بجماعة إمندونيت المودع لدى المحكمة الابتدائية بشيشاوة والذي لم يدل الطرف الطاعن بنسخة منه، أن عملية الاقتراع افتتحت على الساعة الثامنة صباحا واختتمت على الساعة السابعة مساء طبقا للقانون، وأن محضر هذا المكتب لم ترد به أي ملاحظة بهذا الشأن، أما الإفادة المدلى بها فلا تنهض وحدها حجة على إثبات صحة ما ورد في الادعاء؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، تبقى المآخذ المتعلقة بسير الاقتراع وفرز وإحصاء الأصوات غير مرتكزة على أساس من وجه، وغير جديرة بالاعتبار من وجه آخر؛
في شأن المآخذ المتعلقة بتحرير بعض محاضر مكاتب التصويت :
حيث إن هذه المآخذ تقوم على دعوى، من جهة، أن جل محاضر مكاتب التصويت لا تحمل أسماء رؤساء وأعضاء مكاتب التصويت، ومن جهة أخرى، أن محاضر مكاتب التصويت ذات الأرقام 30 و31 و35 بجماعة إمنتانوت 272 و279 و280 و283 و287 بجماعة أفلايسن و290 و295 و296 بجماعة تمزكدوين و318 و320 و321 و325 بجماعة سيدي غانم، لا تتضمن بيان أعداد المصوتين والأوراق الملغاة والأصوات المعبر عنها؛
لكن حيث، من جهة، إن الادعاء المتعلق بخلو محاضر مكاتب التصويت من تدوين أسماء رؤسائها وأعضائها جاء عاما لعدم تحديد أرقام ومقار مكاتب التصويت المعنية حتى يتسنى للمجلس الرجوع إليها للتحقق من صحة الادعاء، ومن جهة أخرى، إنه يبين من الاطلاع على نظائر محاضر مكاتب التصويت المذكورة المودعة لدى المحكمة الابتدائية بشيشاوة ونسخها المدلى بها، التي يتعين استبعادها لكونها مجرد صور شمسية، أنها تتضمن، خلافا للادعاء، بيان أعداد المصوتين والأوراق الملغاة والأصوات المعبر عنها؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، تبقى المآخذ المتعلقة بتحرير بعض محاضر مكاتب التصويت غير جديرة بالاعتبار من وجه، وغير قائمة على أساس من وجه آخر؛
في شأن البحث المطلوب:
وحيث إنه، بناء على ما سبق بيانه، لا داعي لإجراء البحث المطلوب؛
لهذه الأسباب:
ومن غير حاجة للبت فيما أثير من باقي الدفوع الشكلية؛
أولا- يقضي بإلغاء انتخاب السيد عبد الغاني جناح عضوا بمجلس النواب، ويأمر بإعادة الانتخاب بهذه الدائرة بخصوص المقعد الذي يشغله، عملا بمقتضيات المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب؛
ثانيا- يقضي برفض طلب كل من السادة صالح بسكري ومحمد اعمارة والحسين بلكطو الرامي إلى إلغاء انتخاب السادة عبد الرحمان رابح وعبد الصمد اكداش وعبد الرحمان رحيمي أعضاء بمجلس النواب على إثر الاقتراع الذي أجري في 25 نوفمبر 2011 بـالـدائـرة الانتخابية المحلية "شيشاوة" (إقليم شيشاوة)؛
ثالثا- يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم السبت 12من ذي القعدة 1433 (29 سـبـتـمـبـر 2012)
الإمضاءات
محمد أشركي
حمداتي شبيهنا ماء العينين ليلى المريني أمين الدمناتي عبد الرزاق مولاي ارشيد
محمد الصديقي رشيد المدور محمد أمين بنعبد الله محمد قصري
محمد الداسر شيبة ماء العينين محمد أتركين