المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المجلس الدستوري
الملفات عدد: 1215/11 و1289/11 و1323/11
و1327/11 و1347/11.
قرار رقــــم : 887/12 م. إ
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المجلس الدستوري،
بعد اطلاعه على العرائض الخمس، الأربعة الأولى مسجلة في أمانته العامة في 7 و9 و10 و12 ديسمبر 2011 والخامسة مودعة لدى المحكمة الابتدائية بطاطا في 12 ديسمبر 2011 ومسجلة في الأمانة العامة للمجلس الدستوري في 20 ديسمبر 2011، المقدمة من لدن كل من الآنسة دمنة بونعيلات والسادة محمد حياني ومحمد فائز والحسين بوزحاي ومحمد الضور ومحمد الراجي، بصفتهم مرشحين، الأَوَلان والرابع والخامس في مواجهة المُعلن عن فوزهما، والثالث والسادس في مواجهة السَّيد مصطفى تضومانت، طالبين فيها إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 25 نوفمبر 2011 بالدائرة الانتخابية المحلية "طاطا" (إقليم طاطا)، وأعلن على إثره انتخاب السَّيدَين مصطفى تضومانت وحسان التابي عضوين بمجلس النواب؛
وبعد الاطلاع على المذكرات الجوابية المسجلة بنفس الأمانة العامة في 25 و31 يناير و16 فبراير 2012؛
وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملفات؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011)، خصوصا الفصل 177 وكذا الفقرة الأولى من الفصل 132 منه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه، خصوصا المادتين 31 و34 منه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 11-27 المتعلق بمجلس النواب، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.165 بتاريخ 16 من ذي القعدة 1432 (14 أكتوبر2011)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 11-29 المتعلق بالأحزاب السياسية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.166 بتاريخ 24 من ذي القعـدة 1432 (22 أكتوبر2011)؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
وبعد ضمِّ الملفات الخمسة للبتِّ فيها بقرار واحد لتعلقها بنفس العملية الانتخابية؛
أولا- فيما يخص عريضة الطعن التي قدمها السيد محمد الراجي:
حيث إنّ أحكام الفقرة الأولى من المادة 31 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري توجب أن تكون العرائض المتعلقة بالمنازعات في انتخاب أعضاء مجلسي البرلمان ممضاة من أصحابها أو من محام مسجل في جدول إحدى هيئات المحامين بالمغرب؛
وحيث إنّ أحكام الفقرة الثانية من المادة 34 من نفس القانون التنظيمي تنص على أن للمجلس الدستوري أن يقضي بعدم قبول العرائض دون إجراء تحقيق سابق في شأنها إذا كانت غير مقبولة؛
وحيث إنّ عريضة الطعن التي قدمها السيد محمد الراجي غير ممضاة، الأمر الذي يتعين معه التصريح بعدم قبولها؛
ثانيا- فيما يخص عريضة الطعن المقدمة من طرف الآنسة دمنة بونعيلات والسيد محمد حياني:
حيث إنّ الطاعنَين لم يشفعا عريضتهما بأي مستند لإثبات ما ورد فيها من ادعاءات، إذ اكتفيا بطلب منحهما أجلا إضافيا للإدلاء بالمستندات التي "سيجمعانها أو يكتشفانها" بعد إيداع عريضة طعنهما، وهو ما لا تنطبق عليه أحكام الفقرة الثالثة من المادة 31 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري، التي يستفاد منها أن المجلس الدستوري لكي يمنح الطاعن، بصورة استثنائية، أجلا إضافيا للإدلاء بباقي المستندات لابد أن تكون عريضته مشفوعة بجزء من تلك المستندات؛
وحيث إنّه، استنادا عليه، تكون الادعاءات الواردة في عريضة طعنهما مجردة من أي مستند، الأمر الذي يتعيَّن معه، إعمالا لأحكام الفقرة الثانية من المادة 34 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري، رفضها دون إجراء تحقيق سابق في شأنها؛
ثالثا- فيما يخص باقي عرائض الطعن:
في شأن المأخذ المتعلق بقبول ترشيح لائحتي المطعون في انتخابهما:
حيث إنّ هذا المأخذ يتلخص في دعوى أنّ المطعون في انتخابه الأول ترشح باسم حزب سياسي مُعَيّن في حين ما زال ينتمي لحزب سياسي آخر، وأن المرشحَين المرتبَين ثانيا في لائحتي ترشيح المطعون في انتخابهما ينتميان إلى غير الحزب السياسي الذي تقدمت باسمه لائحة الترشيح، مما يشكل خرقا واضحا للدستور وللمادة 21 من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، ويكون، تبعا لذلك، قبول لائحة ترشيح المطعون في انتخابهما باطلا، الأمر الذي يتعين معه إلغاء انتخابهما؛
لكن،
حيث إنه، من جهة، لئن كان من حق المواطنين، في نطاق ممارستهم لحقوقهم السياسية المكفولة دستوريا، تغيير انتماءاتهم الحزبية أو التخلي عنها في أي وقت شاؤوا، فإن مبادئ شفافية الانتخابات والمسؤولية والمواطنة الملتزمة المقررة على التوالي في الفصلين 11 و37 من الدستور، تستوجب أن يتم هذا التغيير أو التخلي بصورة صريحة وفق مقتضيات المادة 22 من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية لا سيما حين يتعلق الأمر بالرغبة في الترشح للانتخابات؛
وحيث إن ترشح شخص، ينتمي إلى حزب سياسي معين، بتزكية صادرة عن حزب سياسي آخر دون انسحابه مسبقا من الحزب الأول، وفق مقتضيات المادة 22 من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، يعد بمثابة انخراط في أكثر من حزب سياسي في آن واحد، وهو ما يحظره ويعاقب عليه القانون التنظيمي المذكور بموجب مادتيه 21 و66؛
وحيث إن المادة 24 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب تنص في فقرتها الرابعة على أنه "لا تقبل لوائح الترشيح التي تتضمن أسماء أشخاص ينتمون لأكثر من حزب سياسي واحد أو تتضمن في نفس الآن ترشيحات مقدمة بتزكية من حزب سياسي وترشيحات لأشخاص بدون انتماء سياسي"؛
وحيث إنه، تأسيسا على ذلك، فإنه يستفاد من مقتضيات الفقرة الرابعة من المادة 24 المذكورة ومع مراعاة مقتضيات المادتين 21 و22 من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، أن لوائح الترشيح لانتخاب أعضاء مجلس النواب لا تقبل إذا كانت تتضمن، في نفس الآن، ترشيحات مقدمة بتزكية أكثر من حزب سياسي واحد أو ترشيحات مقدمة بتزكية من حزب سياسي وترشيحات لأشخاص بدون انتماء سياسي، وكذا ترشيحات لأشخاص ينتمون لأكثر من حزب سياسي مقدمة في نطاق لائحة واحدة بتزكية صادرة عن حزب واحد؛
وحيث إنه، من جهة أخرى، مع تأكيد ما سبق وبغض النظر عن مدى ثبوت عدم استقالة المطعون في ترشيحهم من الأحزاب السياسية التي كانوا ينتمون إليها قبل الترشح للانتخابات التشريعية بتزكية من أحزاب أخرى، فإن المادة 72 من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، الواردة في أحكامه الانتقالية، منحت للأحزاب السياسية مهلة 24 شهرا من تاريخ نشر هذا القانون التنظيمي في الجريدة الرسمية للعمل على ملاءمة وضعيتها مع أحكامه من طرف الأجهزة المختصة بموجب النظام الأساسي لكل حزب أو اتحاد أحزاب، باستثناء أحكام المواد من 6 إلى 13 منه؛
وحيث إن مقتضيات المادة 22 من القانون التنظيمي سابق الذكر ليست ضمن المواد المشمولة بالتطبيق الفوري، الأمر الذي يبقى معه المأخذ المتعلق بعدم أهلية المطعون في ترشيحهم للانتخاب غير قائم خلال الفترة الانتقالية المذكورة على أساس صحيح من القانون؛
في شأن المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية والمناورات التدليسية:
حيث إنّ هذه المآخذ تقوم على دعوى أن المطعون في انتخابه الأول قام، خرقا للمادتين 36 و62 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، قبل وأثناء الحملة الانتخابية بأعمال تدليسية تمثلت في أنه، من جهة أولى، استغل صفته رئيسا للمجلس الإقليمي لطاطا فترأس اجتماعا بتاريخ 3 نوفمبر 2011، أي بعد أن وضع تصريحه بالترشيح، وزع فيه 96 منصب شغل على العاطلين وأعطى كل واحد منهم، خلافا للمساطر القانونية الواجب اتباعها، مبلغ 725 درهما أجر شهر مقدَّما ودون القيام بأي عمل، كما وعد بتشغيل 80 شخصا آخر في المستقبل القريب، ووعد المعْوِزين بالاستفادة من برنامج التغطية الصحية (راميد)، ومن جهة ثانية، عقد تجمعا انتخابيا في مكان لم يرخص له بعقده فيه، وقدم وعودا للناخبين ببناء المدارس والقناطر والنادي النسوي، وتشغيل الشباب عن طريق الإنعاش الوطني، وإصلاح السواقي، وقال للناخبين: إنّ المواد المخصصة لإصلاحها متوفرة لديه بمقر المجلس الإقليمي الذي يرأسه، وهو مستعد لتوزيعها، في الحال، على كل من أرادها، ومن جهة ثالثة، قام بتوزيع الأموال على الناخبين قصد استمالتهم وشراء أصواتهم؛
لكن،
حيث إنه، من جهة أولى، فضلا عن أنه يبين من الإطلاع على محضري اجتماعين حول موضوع الإنعاش الوطني منعقدين على التوالي بتاريخ 31 أكتوبرو3 نوفمبر 2011 أن الاجتماعين المذكورين كانا، خلافا للادعاء، بدعوة من باشا مدينة طاطا وتحت رئاسته، والمطعون في انتخابه الأول، بصفته رئيسا للمجلس الإقليمي لطاطا، لم يكن إلا أحد الحاضرين إضافة إلى المندوب الإقليمي للإنعاش الوطني ورئيس المجلس البلدي وبعض المستفيدين من الإنعاش الوطني بطاطا، فإن ما تقرر فيهما يندرج ضمن المهام التي تتطلب مبدئيا مشاركة المجلس الإقليمي ورئيسه، ولا يمكن اعتباره حملة انتخابية سابقة لأوانها، خصوصا وأن تاريخ الانعقاد يعود إلى فترة سابقة للإنتخابات التشريعية والطاعنون لم يدلوا بأي حجة تثبت ما ادعي من أن المطعون في انتخابه الأول أعطى أجر شهر مسبق الدفع للمعنيين، ومن جهة ثانية، إنّ دعوى تقديم وعود للناخبين لم تدعم إلا بقرص مدمج صوتي لا يعتبر في حد ذاته وسيلة إثبات، ومن جهة ثالثة، إنّ ما نعي من توزيع المال لاستمالة الناخبين لم يدعم إلا بشكايات موجهة إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بطاطا تقرر في جميعها الحفظ؛
وحيث إنّه، بناء على ما سبق، تكون المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية والمناورات التدليسية غير قائمة على أساس من وجه، وغير جديرة بالاعتبار من وجه آخر؛
في شأن المآخذ المتعلقة بسير الاقتراع وفرز الأصوات وتحرير محضر:
حيث إنّ هذه المآخذ ترتكز على دعوى، من جهة أولى، أنّ أحد الناخبين بمكتب التصويت رقم 2 (جماعة أقا) ضُبط وهو يقوم بتصوير ورقة تصويته بواسطة الهاتف، مما يؤكد أن المطعون في انتخابه الأول استعمل المال لاستمالة الناخبين، ومن جهة ثانية، أن عون سلطة وأحد المراقبين كانا يحثان الناخبين على التصويت، الأول لفائدة المطعون في انتخابه الثاني في مكتب التصويت رقم 17 (جماعة طاطا) والثاني لفائدة المطعون في انتخابه الأول في مكتب التصويت رقم 19 بنفس الجماعة، ومن جهة ثالثة، أن العشرات من الأشخاص صوتوا دون الإدلاء بأي وثيقة تثبت هويتهم، ومن جهة رابعة، أن مكاتب التصويت رقم 1 (جماعة تسنيت) و8 و15 و23 و25 (جماعة طاطا) و10 و13 (جماعة اديس) وجميع المكاتب المركزية في مركزي إسافن والوكوم كانت تعتبر عددا من أوراق التصويت الصحيحة أوراقا ملغاة، ومن جهة خامسة، أنّ محضر مكتب التصويت رقم 17 (جماعة طاطا) يفتقر، خلافا للقانون، إلى بيان أعداد الناخبين المسجلين والمصوتين والأوراق الملغاة والأصوات المعبر عنها، مما يستوجب إبطاله؛
لكن،
حيث إنه، من جهة أولى، فضلا عن أنه يبين من الاطلاع على كتاب السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بطاطا عدد 564/12 م ع بتاريخ 22 مارس 2012 الذي يخبر فيه أن محضر الضابطة القضائية عدد 124 بتاريخ 25 نوفمبر 2011 المتعلق بالناخب الذي صوَّر ورقة تصويته تقرر بشأنه الحفظ، فإن خصم صوت هذا الناخب من مجموع الأصوات التي نالها المطعون في انتخابه الأول لن يكون له تأثير في نتيجة الاقتراع، ومن جهة ثانية، يبين بالرجوع إلى نظيري محضري مكتبي التصويت رقم 17 و19 (جماعة طاطا)، المودعين لدى المحكمة الابتدائية بطاطا، أنهما خاليان من أي ملاحظة بشأن ما ادعي من دعاية انتخابية أثناء الاقتراع للمطعون في انتخابهما، والطاعن لم يدل بأي حجة لإثبات ذلك، ومن جهة ثالثة، إن ما ادعي من تصويت عدد من الناخبين دون الإدلاء بالوثائق المثبتة لهويتهم جاء عاما لعدم تحديد أرقام ومقار مكاتب التصويت وأسماء الناخبين المعنيين ومجردا من أي حجة تدعمه، ومن جهة رابعة، يبين من الاطلاع على نظائر محاضر مكاتب التصويت، المشار إلى أرقامها أعلاه، أنها لا تتضمن أي ملاحظة تفيد أن الأوراق الملغاة من طرف مكتب التصويت كانت محل اعتراض، أما المكاتب المركزية المذكورة فليس من صلاحيتها التقرير فيما إذا كانت أوراق التصويت صحيحة أو ملغاة، ومن جهة خامسة، يبين من الاطلاع على نظير محضر مكتب التصويت رقم 17 (جماعة طاطا) أنه يتضمن، خلافا للادعاء، جميع البيانات المتعلقة بأعداد الناخبين المسجلين والمصوتين والأوراق الملغاة والأصوات المعبر عنها، أما النسخة المدلى بها من نفس المحضر فمجرد صورة شمسية لا يعتد بها؛
وحيث إنه، استنادا إلى ما سبق بيانه، تكون المآخذ المتعلقة بسير الاقتراع وفرز الأصوات وتحرير محضر غير مؤثرة من وجه، وغير جديرة بالاعتبار من وجه آخر؛
في شأن البحث المطلوب:
حيث إنه، استنادا إلى ما سبق بيانه، لا داعي لإجراء البحث المطلوب؛
لهذه الأسباب:
ومن غير حاجة للبت فيما أثير من دفوع شكلية؛
أولا- يصرِّح بعدم قبول عريضة الطعن التي قدمها السَّيد محمد الراجي؛
ثانيا- يصرِّح برفض عريضة الطعن المقدمة من لدن الآنسة دمنة بونعيلات والسيد محمد حياني دون إجراء تحقيق سابق في شانها؛
ثالثا- يقضي برفض طلب السادة محمد فائز والحسين بوزحاي ومحمد الضور الرامي إلى إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 25 نوفمبر 2011 بالدائرة الانتخابية المحلية "طاطا" (إقليم طاطا)، وأعلن على إثره انتخاب السيدين مصطفى تضومانت وحسان التابي عضوين بمجلس النواب؛
رابعا- يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم السبت 12 من ذي القعدة 1433 (29 سـبـتـمـبـر 2012)
الإمضاءات
محمد أشركي
حمداتي شبيهنا ماء العَينين ليلى المريني أمين الدمناتي عبد الرزاق مَولاي ارشيد
محمد الصديقي رشيد المدَور محمد أمين بنعبد الله محمد قصري
محمد الداسر شيبة ماء العَينين محمد أتركين.