قرارات المجلس الدستوري


قرار رقم : 2007/650
تاريخ صدور القرار : 2007/07/26

المملكة المغربية            الحمد لله وحده

المجلس الدستوري

ملفان رقم : 06/836 و06/844

قرار رقم : 07/650 م. د

باسم جلالة الملك

المجلس الدستوري ،

بعد الاطلاع على العريضتين المسجلتين بأمانته العامة في 22 شتنبر 2006 اللتين قدمهما كل من السيد حسن أوريد ـ بصفته والي جهة مكناس ـ تافيلالت وعامل عمالة مكناس والسيد محمد عذاب ـ بصفته مرشحا ـ طالبين فيهما إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري بتاريخ 8 شتنبر 2006 في نطاق الهيئة الناخبة المكونة من ممثلي غرف الصناعة التقليدية بالجهة المذكورة ، وأسفر عن انتخاب السيد محمد قداري عضوا بمجلس المستشارين ؛

وبعد استبعاد العريضة الإضافية المسجلة بنفس الأمانة العامة بتاريخ 27 ديسمبر 2006 التي قدمها الطاعن السيد محمد عذاب ، وذلك لإيداعها خارج الأجل القانوني ؛

وبعد الاطلاع على المستندات المسجلة بالأمانة العامة المذكورة في 7 و9 نوفمبر 2006 ، والتي أدلى بها الطاعنان تعزيزا لعريضتيهما بعد أن منحهما المجلس الدستوري أجلا لذلك ؛

وبعد الاطلاع على المذكرتين الجوابيتين المسجلتين بالأمانة العامة للمجلس الدستوري في فاتح ديسمبر 2006 ؛

وبعد الاطلاع على الملاحظات المتعلقة بالبحث الذي أجراه في النازلة المجلس الدستوري في 19 فبراير و15 و21 مارس 2007 ، والمودعة بأمانته العامة بتاريخ 9 و13 أبريل 2007 ؛

وبعد الاطلاع على باقي المستندات المدلى بها وعلى الوثائق المدرجة بالملفين ؛

وبناء على الدستور ، خصوصاً الفصل 81 منه ؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 93-29 المتعلق بالمجلس الدستوري ، كما وقع تغييره وتتميمه ؛

وبناء على القانون التنظيمي رقم 97-32 المتعلق بمجلس المستشارين ، كما وقع تغييره وتتميمه ؛

وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون ؛

وبعد ضم الملفين للبت فيهما بقرار واحد لتعلقهما بنفس العملية الانتخابية ؛

أولا : من حيث الشكل :

حيث إن المطعون في انتخابه يدفع بعدم قبول الطعن المقدم من طرف السيد حسن أوريد بدعوى مخالفته لمقتضيات المادة 51 من القانون التنظيمي رقم 97-32 المتعلق بمجلس المستشارين ، التي أشارت إلى وجوب الطعن في القرارات التي تتخذها مكاتب التصويت والمكاتب المركزية واللجان الجهوية للإحصاء ، في حين أن الطاعن المذكور اكتفى بتوجيه طعنه ضد المطعون في انتخابه السابق الذكر ؛

لكن ، حيث إن العريضة تضمنت طلب إلغاء نتيجة الاقتراع ، علماً بأن هذه النتيجة تأسست على قرارات مكاتب التصويت والمكاتب المركزية وتم الإعلان عنها من لدن اللجنة الجهوية  للإحصاء ، فيكون بذلك الطعن موافقا لأحكام المادة 51 من القانون التنظيمي رقم 97-32 المتعلق بمجلس المستشارين ؛

ثانيا : من حيث الموضوع :

في شأن المأخذ الفريد المتعلق من أن الانتخاب لم يكن حرا وشابته مناورات تدليسية :

حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى أن الاقتراع لم يكن حرا وشابته مناورات تدليسية بسبب شراء الذمم وغيره من الوسائل غير المسموح بها قانونا ، وأن المطعون في انتخابه أقدم ، في هذا الإطار ، على بذل المال ، كما لجأ إلى تهديد الناخبين والضغط عليهم، وكل ذلك قصد التأثير في إرادتهم وحملهم على التصويت له ، وأن هذه الأعمال اتخذت أشكالا مختلفة منها ، من جهة ، دفع ناخبين من أعضاء غرف الصناعة التقليدية لجهة مكناس ـ تافيلالت ، بعد أن سلمهم ما يرضيهم من مال ، إلى التوقيع على بياض ولفائدة مجهول ، على كمبيالات تتراوح المبالغ المدونة فيها ما بين مائة وثلاثمائة ألف درهم ، وأن هذه الكمبيالات التي تم تصحيح الإمضاءات المذيلة بها من لدن المصالح المختصة بعمالات الجهة المذكورة أعلاه ، ضمانا للتصويت ، كان من بين الموقعين عليها كل من السادة الحسن الطاهري وأحمد عزامي وعزيز براق وعبد الرحمان آيت الربع ومحمد زيان ، وأن هذا الأخير الذي فضل أن يمضي الكمبيالة مقابل تشغيل ابنه العاطل عوض المال، فوجئ بالموقف الذي اتخذه المطعون في انتخابه إزاءه ، إذ واجهه ، بعد الانتخاب ، بالتهديد وذلك بدفع الكمبيالة للتسديد ، معتقدا أنه رغم الالتزام ، لم يصوت له ، ولما تبين للناخب المعني أنه كان "ضحية نصب وتهديد" رفع شكاية إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بمكناس ، تتضمن جميع الوقائع بما فيها طبيعة المقايضة التي عقدها مع المطعون في انتخابه ، وأن هذا الأخير عمل على تمويل شراء أصوات الناخبين ، بتحويل مبلغ خمسمائة ألف درهم إلى الحساب الخاص لتعاونية صناعة الأحذية بمكناس التي يرأسها ، قبل أن يلجأ إلى عمالها ، ليسحبوا المبلغ المذكور ويسلموه له ، ومن جهة أخرى ، إبعاده طيلة الحملة الانتخابية لعدد من الناخبين من بينهم من وقعوا على الكمبيالات المشار إليها سابقا إلى مدن أخرى ، ضمانا لتصويتهم له ؛  

حيث إنه يُستفاد من الاطلاع على الأوراق المدرجة في الملفين وعلى نتيجة التحقيق والبحث اللذين قام بهما المجلس الدستوري :

1 ـ أنه ثبت وجود كمبيالات تم الإدلاء بنسخ منها ، ممضاة لفائدة مجهول ، وذلك من لدن ناخبين صرحوا أنهم وقعوها لأغراض انتخابية قبل تسليمها للمطعون في انتخابه ، ضماناً لتصويتهم له ، ويتعلق الأمر بالسيدين أحمد عزامي ومحمد زيان ، الأول أنكر في بداية البحث أمام الضابطة القضائية أن يكون وقع على كمبيالة ، قبل التراجع عن تصريحه والاعتراف بوجودها ، أما الثاني الذي اتسمت تصريحاته في كل مراحل التحقيق معه بالاستقرار ، فإنه يكون بتقديم شكاية ضد السيد محمد قداري وبإقراره أنه قبل مقايضة تشغيل ابنه مقابل التصويت للمطعون في انتخابه ، قد عرض نفسه لمخاطر الإدانة والحكم عليه من لدن القضاء ؛

2 ـ أنه ، بالإضافة إلى الكمبيالتين السابقتين ، تم العثور على أثار كمبيالات أخرى ، وذلك في شكل ورقتين من سجل تصحيح الإمضاءات لبلدية حمرية بمكناس ، أُدليَ بنسخة لكل منهما ، الأولى ، تحمل إمضاء السيد الحسن الطاهري والثانية توقيع السيدين عبد الرحمان آيت الربع وعزيز براق ، مع الإشارة في الخانة المقابلة للتوقيع إلى موضوعه وهو "كمبيالة" ، وإنه لئن كان من الصعب الجزم أمام إنكار المعنيين بالأمر وفي غياب الحجة ، أن الأمر يتعلق بكمبيالات وقعت لأغراض انتخابية ، فإن ما حدث من وقائع غير منتظرة وغير عادية ببلدية مكناس من بتر الورقة التي دون فيها إسما السيدين عبد الرحمان أيت الربع وعزيز براق من أحد السجلات ، وهي الوقائع التي توحي بوجود إرادة التستر عن حقائق لها علاقة بالانتخاب ، ومن عدم تمكن مصالح نفس البلدية من العثور على توقيع السيد الحسن الطاهري ضمن سجلاتها الخاصة بتصحيح الإمضاءات رغم التوفر على تاريخ التوقيع ورقمه الترتيبي ، كل ذلك من شأنه ، بالنظر لانتماء الأشخاص المعنيين للهيئة الناخبة ، ولظروف وملابسات التوقيع ، إثارة الشك حول المضمون الحقيقي للكمبيالات والأهداف المتوخاة منها ؛

3 ـ أن الشهود الذين تم الاستماع إليهم خلال البحث الذي قام به المجلس الدستوري في 19 فبراير و15 و21 مارس 2007 صرحوا أن المطعون في انتخابه بذل المال إبان الحملة الانتخابية وذلك إما عن طريق استعمال كمبيالات لأغراض انتخابية وإما من خلال عرض هبات مالية مهمة أو منافع عينية أو وعود بوظائف، خاصة للناخبين مقابل تصويتهم له ؛

وحيث إن ما استخلصه المجلس الدستوري من خلال اطلاعه على أوراق الملف ومن البحث المذكور ، لمن شأنه أن يبعث على عدم الاطمئنان على صدق وسلامة الاقتراع ؛

وحيث إن المحكمة الابتدائية بمكناس ، عندما أدانت بمقتضى الحكم الصادر عنها بتاريخ 12 مارس 2007 ، السيدين محمد زيان والحسن الطاهري من أجل جنحة قبول أو التماس منافع عينية أو نقدية ووظائف خاصة أو عامة مقابل التصويت للمطعون في انتخابه وحكمت على كل منهما بسنة واحدة حبسا موقوف التنفيذ وغرامة نافدة قدرها خمسون ألف درهم ، فإنها تكون قد أكدت ما استنتجه المجلس الدستوري من التحقيق والبحث ، من استعمال كمبيالات لأغراض انتخابية ؛

وحيث إنه يتعين ، تبعا لكل ما سبق عرضه ، التصريح بإلغاء انتخاب السيد محمد قداري عضوا بمجلس المستشارين ، مع ما يترتب عن ذلك ، في النازلة ، من تنظيم انتخاب جزئي طبقا لأحكام الفقرة الثالثة من المادة 53 من القانون التنظيمي رقم 97-32 المتعلق بالمجلس المذكور ،

لهذه الأسباب

ومن غير حاجة إلى التعرض إلى باقي المآخذ المتمسك بها من طرف الطاعنين ،

أولا : يقضي بإلغاء انتخاب السيد محمد قداري عضوا بمجلس المستشارين  على إثر الاقتراع الذي أجري في 8 سبتمبر 2006 في نطاق الهيئة الناخبة المكونة من ممثلي غرف الصناعة التقليدية بجهة مكناس ـ تافيلالت ؛

ثانياً : يأمر بنشر قراره هذا في الجريدة الرسمية وتبليغ نسخة منه إلى السيد رئيس مجلس المستشارين وإلى الأطراف .

وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الخميس 10 رجب 1428 (26 يوليو 2007)                                                            

الإمضاءات

عبد العزيز بن جلون

محمد الودغيري           عبد اللطيف المنوني        إدريس لوزيري         عبد القادر القادري   

عبد الأحد الدقاق          هانئ الفاسي                 صبح الله الغازي           شبيهنا حمداتي ماء العينين

ليلى المريني           أمين الدمناتي               عبد الرزاق مولاي ارشيد