المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المجلس الدستوري
ملفان عدد: 1567/16 و1630/16.
قرار رقم : 1038/17 م.إ
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المجلس الدستوري،
بعد اطلاعه على العريضتين المسجلتين بأمانته العامة في 21 و24 أكتوبر 2016، الأولى قدمها السيد عبد الله زرغيل - بصفته مرشحا- طالبا فيها إلغاء نتيجة الاقتراع، والثانية قدمها السيد مصطفى عجاب - بصفته ناخبا- طالبا فيها إلغاء انتخاب السيد عبد الرحمان العمري في الاقتراع الذي أجري في 7 أكتوبر 2016 بالدائرة الانتخابية المحلية "شفشاون" (إقليم شفشاون)، وأعلن على إثره انتخاب السادة عبد الرحمان العمري وتوفيق الميموني واسماعيل البقالي وعبد الله العلوي أعضاء بمجلس النواب؛
وبعد الاطلاع على باقي المستندات التي أرفقها الطاعنان بمذكرتيهما المسجلتين بنفس الأمانة العامة في 8 ديسمبر 2016، بعد أن منحهما المجلس الدستوري، بناء على طلبهما، أجلا لذلك؛
وبعد الاطلاع على المذكرات الجوابية المسجلة بالأمانة العامة المذكورة في 4 و19 و26 يناير 2017؛
وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملفين؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو2011)، خصوصا الفصلين 132 (الفقرة الأولى) و177 منه؛
وبناء على المادة 48 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 29.93 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.165 بتاريخ 16 من ذي القعدة 1432 (14 أكتوبر2011)، كما وقع تغييره وتتميمه؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
وبعد ضمِّ الملفين للبت فيهما بقرار واحد لتعلقهما بنفس الدائرة الانتخابية؛
في شأن المأخذين المتعلقين بانعدام الأهلية للترشح:
حيث إن هذين المأخذين يتلخصان في دعوى:
من جهة، أن المطعون في انتخابه السيد عبد الرحمان العمري ترشح في اقتراع 7 أكتوبر 2016 باسم حزب سياسي في حين أنه عضو بالكتابة الإقليمية لحزب سياسي آخر، وباسمه هو عضو بالغرفة الفلاحية الجهوية لجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، ويرأس مجلس جماعة "تاسيفت"، بل إنه حضر اجتماعا للراغبين في الحصول على تزكية للترشح في الاقتراع المذكور بالدائرة الانتخابية المحلية "شفشاون" مع لجنة من المكتب السياسي بالمقر المركزي للحزب بتاريخ 28 يوليو 2016، الأمر الذي يجعل ترشحه باسم حزب سياسي آخر دون أن يقدم استقالته من الحزب الذي يتولى مهام تنظيمية وتمثيلية باسمه باطلا بحكم القانون؛
ومن جهة أخرى، أن المطعون في انتخابه السيد توفيق الميموني كان حين ترشحه لهذا الانتخاب في وضعية تناف، بموجب المادة 13 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب التي تنص على أن العضوية في هذا المجلس تتنافى مع أكثر من رئاسة واحدة لمجلس جماعة أو مجموعة تؤسسها جماعات ترابية، إذ أنه كان يرأس في الوقت نفسه كلا من مجلس جماعة "الدردارة" ومجموعة الجماعات الترابية "بوهاشم"، مما يجعله غير مؤهل للترشح؛
لكن،
حيث، من جهة، إن السيد عبد الرحمان العمري، كما هو ثابت من أوراق الملف، كان قد أعلن في رسالة وجهها إلى عامل إقليم شفشاون بتاريخ 27 نوفمبر 2015 أنه لم يعد ينتمي إلى أي هيئة سياسية، وذلك على إثر قرار فصله، بتاريخ 25 نوفمبر 2015، من الحزب الذي ترشح باسمه في انتخابات أعضاء مجالس الجماعات المجراة في 4 سبتمبر 2015، أما ما ادعي من حضوره في اجتماع للراغبين في الحصول على تزكية الحزب للترشح في اقتراع 7 أكتوبر 2016، فإنه لا يكفي وحده دليلا على أنه عاود الانتماء من جديد إلى هذا الحزب، الأمر الذي يكون معه المطعون في انتخابه حين ترشحه لانتخاب أعضاء مجلس النواب غير منتم لأكثر من حزب سياسي في آن واحد، وترشيحه لم يكن مخالفا للقانون؛
وحيث، من جهة أخرى، إنّ حالة التنافي المذكورة في الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب ليست من موانع الترشح للانتخاب، إذ أنها لا تتحقق، وفقا لما تنص عليه المادة 17 من نفس القانون التنظيمي، إلا بعد إعلان النتائج النهائية للانتخاب، ولأجل ذلك نصت هذه المادة في فقرتها الأولى على أنه يتعين على النائب الذي يوجد، عند انتخابه، في حالة التنافي المذكورة أنْ يثبت، في ظرف الثلاثين يوما التي تلي إعلان النتائج النهائية للانتخاب، أنه استقال من مهامه المتنافية مع انتدابه، وإلا أعلنت إقالته من عضويته بالمجلس، وهو ما قام به السيد توفيق الميموني، كما هو ثابت من رسالته الموجهة إلى عامل إقليم شفشاون بتاريخ 3 نوفمبر 2017 التي أعلن فيها استقالته من رئاسة مجموعة الجماعات الترابية "بوهاشم"؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، يكون المأخذان المتعلقان بانعدام الأهلية للترشح غير قائمين على أساس صحيح من القانون؛
في شأن المآخذ المتعلقة بالحملة الانتخابية والمناورات التدليسية:
حيث إن هذه المآخذ تتلخص في دعوى:
من جهة أولى، أن المطعون في انتخابه الثاني قام بمناورة تدليسية تمثلت في أنه وزع في جماعة "متيوة"، التي يرأسها المرشح المرتب ثالثا في لائحة ترشيحه، منشورا انتخابيا تضمن صورة فردية لهذا المرشح، وذلك بغاية إيهام الناخبين بهذه الجماعة أن هذا الأخير هو وكيل اللائحة، وبفضل هذه المناورة حصل على 1549 صوتا بالجماعة المذكورة؛
ومن جهة ثانية، أن المطعون في انتخابه الأخير أضاف إلى إسمه لقب الشرف "مولاي" ووضعه في إعلاناته الانتخابية، للدلالة على أنه ينتمي إلى نسب شريف من أجل التأثير على إرادة الناخبين؛
ومن جهة ثالثة، أن عوني سلطة بكل من قيادتي فيفي وباب تازة تم ضبطهما يقومان بالدعاية الانتخابية لفائدة المطعون في انتخابه الأول وبالضغط على الناخبين وترهيبهم لمنعهم من التصويت لفائدة الطاعن، وأن المطعون في انتخابه الأخير كان يعقد تجمعات انتخابية غير مرخص له بها، ويوزع الوعود غير القابلة للتحقق، وأن كلَّ المطعون في انتخابهم استعملوا المال بشكل مكثف في حملاتهم الانتخابية للتأثير على إرادة الناخبين، وأن نسبة المشاركة المعلن عنها بعد إغلاق مكاتب التصويت كانت في حدود 32%، في حين أن النسبة المسجلة في محضر لجنة الإحصاء قاربت 53%، مما يدل على تلاعب في نتائج التصويت؛
لكن،
حيث، من جهة أولى، لئن كانت شفافية الحملة الانتخابية، في نطاق نظام انتخابي قائم على نمط الاقتراع اللائحي، تقتضي أن يتعرف الناخبون على أسماء وترتيب جميع المرشحين في لوائح الترشيح المتنافسة، وهو ما يستفاد أيضا من الفقرة الرابعة من المادة 23 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، فإن نشر إعلان يتضمن صورة مترشح واحد من اللائحة وتوزيعه في منطقة جغرافية معينة دون غيرها ليس فيه ما يخالف القانون طالما وزع إلى جانبه إعلان آخر يكشف للناخبين بهذه المنطقة الهوية الكاملة لجميع المترشحين بلائحة الترشيح المعنية؛
وحيث إن المطعون في انتخابه السيد توفيق الميموني لم يدل بما يثبت أنه وزع في جماعة "متيوة" إلى جانب المنشور الانتخابي الخاص بالمرتب ثالثا في لائحة ترشيحه، منشورا انتخابيا آخر يتضمن أسماء وصور جميع المترشحين في اللائحة التي هو وكيلها، الأمر الذي يدل على أنه قصد إخفاء أسماء بعض المترشحين عن الناخبين في هذه الجماعة ويترتب عنه إلغاء جميع الأصوات التي حصلت عليها لائحة ترشيحه في مكاتب التصويت التابعة لهذه الجماعة ؛
وحيث إنه، على فرض أن لائحة ترشيح المطعون في انتخابه السيد توفيق الميموني حصلت في مكاتب التصويت التابعة لجماعة "متيوة" على 1549 صوتا، كما جاء في الادعاء، فإن خصم هذا العدد من مجموع الأصوات التي حصلت عليها هذه اللائحة على مستوى الدائرة الانتخابية، وهو 13692 صوتا، لن يكون له تأثير في النتيجة العامة للاقتراع، اعتبارا للفارق الكبير بين عدد الأصوات التي ستبقى للائحة ترشيح المطعون في انتخابه، وهو 12143 صوتا، وعدد الأصوات التي حصلت عليها لائحة ترشيح الطاعن التي تلي في الترتيب آخر لائحة ترشيح فائزة، إذ ستظل متقدمة عليها بـ 4189 صوتا؛
وحيث، من جهة ثانية، إن إستعمال المطعون في انتخابه الرابع لقب "مولاي" مضافا إلى إسمه ليس من شأنه، في حد ذاته، طالما لم يقترن بمناورة تدليسية، التأثير في النتيجة العامة للاقتراع؛
وحيث، من جهة ثالثة، إنه فضلا عن أن حصول المطعون في انتخابه الأول على عدد كبير من الأصوات في المكتب المركزي رقم 32 ليس دليلا على أن ذلك تم بدعم من عوني سلطة بقيادتي فيفي وباب تازة، فإن الطاعن لم يدل بأي حجة لإثبات ما ادعاه؛
وحيث إن باقي الادعاءات تتعلق كلها بوقائع لم تدعم بأي حجة تثبت صحتها؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، تكون المآخذ المثارة غير قائمة على أساس صحيح من وجه أول، وغير مؤثرة من وجه ثان، وغير جديرة بالاعتبار من وجه ثالث؛
لهذه الأسباب:
ومن غير حاجة للفصل فيما أثير من دفع بعدم قبول الطعن من حيث الشكل؛
أولا- يقضي برفض طلب السيدين عبد الله زرغيل ومصطفى عجاب الرامي إلى إلغاء نتيجة الاقتراع الذي أجري في 7 أكتوبر 2016 بالدائرة الانتخابية المحلية "شفشاون" (إقليم شفشاون)، الذي أعلن على إثره انتخاب السادة عبد الرحمان العمري وتوفيق الميموني واسماعيل البقالي وعبد الله العلوي أعضاء بمجلس النواب؛
ثانيا- يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب وإلى الأطراف المعنية، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الثلاثاء 29 من جمادى الآخرة 1438
(28 مارس 2017)
الإمضاءات
محمد أشركي
حمداتي شبيهنا ماء العينين ليلى المريني أمين الدمناتي عبد الرزاق مولاي ارشيد
محمد الصديقي رشيد المدور محمد أمين بنعبد الله
محمد الداسر شيبة ماء العينين محمد أتركين