المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المجلس الدستوري
ملف عدد: 16/ 1482
قرار رقم: 16/ 1013 م. د
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المجلس الدستوري،
بعد اطلاعه على القانون التنظيمي رقم 21.16 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية كما وقع تغييره وتتميمه، المحال على المجلس الدستوري بمقتضى رسالة السيد رئيس الحكومة، المسجلة بالأمانة العامة للمجلس في 28 يوليو 2016، قصد البت في مطابقته للدستور على وجه الاستعجال، وهو ما راعاه المجلس الدستوري؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو2011)، لاسيما الفصول 7 و132 و177 منه؛
وبناء على المادة 48 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 29.93 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه، لا سيما المادتين 21 (الفقرة الأولى) و23 (الفقرة الأولى) منه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.166 بتاريخ 24 من ذي القعدة 1432 (22 أكتوبر2011)، كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون التنظيمي رقم 33.15 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.89 بتاريخ 29 من رمضان 1436 (16 يوليو2015) ؛
وبعد الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
أولاـ فيما يتعلق بالاختصاص:
حيث إن الفصل 132 من الدستور نص في فقرته الثانية على أن القوانين التنظيمية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، تحال إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور؛
وحيث إن المجلس الدستوري، القائم حاليا، يستمر في ممارسة صلاحياته إلى حين تنصيب المحكمة الدستورية، عملا بأحكام الفصل 177 من الدستور ومقتضيات المادة 48 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية التي جاءت تطبيقا له، الأمر الذي بموجبه يكون المجلس الدستوري مختصا بالبت في مطابقة القوانين التنظيمية للدستور؛
ثانيا ـ فيما يتعلق بالشكل والإجراءات المتبعة:
حيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف أن القانون التنظيمي رقم 21.16 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، جرى التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 23 يونيو 2016 طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وقام السيد رئيس الحكومة بإيداعه بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب بتاريخ 27 يونيو 2016، وأن هذا المجلس لم يشرع في التداول فيه إلا بعد مرور عشرة أيام على إيداعه لدى مكتبه، وذلك في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 20 يوليو 2016 التي وافق خلالها على المشروع المذكور بالإجماع، كما تداول في شأنه مجلس المستشارين وصادق عليه بالإجماع في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 26 يوليو2016، والكل وفق أحكام الفصلين 84 و85 من الدستور؛
ثالثا ـ فيما يتعلق بالموضوع:
حيث إن القانون التنظيمي رقم 21.16، المعروض على أنظار المجلس الدستوري، القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية يتكون من مادتين، تنص الأولى منهما على أن القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية كما وقع تتميمه وتغييره بالقانون التنظيمي رقم 33.15، يتمم بالمادة 32 المكررة، وتنص المادة الثانية على تغيير وتتميم أحكام المواد 36 (الفقرة الأولى) و37 (الفقرة الأولى) و43 (فقرة ثالثة مضافة) و45 و55.1 (الفقرة الأولى) من القانون التنظيمي سالف الذكر رقم 29.11؛
وحيث إنه، يبين من فحص التعديلات المدخلة بموجب هاتين المادتين أنها تكتسي صبغة قانون تنظيمي وفقا لأحكام الفصل السابع من الدستور وأن بعضها يثير، من حيث دستوريتها، الملاحظات التالية:
في شأن المادة الثانية:
فيما يخص المادتين 36 (الفقرة الأولى) و37 (الفقرة الأولى):
حيث إن هاتين المادتين تنصان على تقسيم المبلغ الكلي لمساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية التي تقوم بها الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات العامة إلى حصة أولى جزافية توزع بالتساوي فيما بين الأحزاب السياسية، وإلى حصة ثانية يراعى في توزيعها عدد الأصوات وكذا عدد المقاعد التي يحصل عليها كل حزب أو تحالف للأحزاب السياسية على الصعيد الوطني (الفقرة الأولى من المادة 36)، مع الإحالة، فيما يخص تحديد مبلغ الحصة الجزافية وكيفيات توزيع المبلغ المخصص للحصة الثانية، إلى مرسوم (الفقرة الأولى من المادة 37) ؛
وحيث إن تخصيص حصة أولى جزافية توزع بالتساوي فيما بين الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات وحصة ثانية يتم توزيعها حسب عدد الأصوات وعدد المقاعد التي يحرز عليها كل حزب أو كل تحالف للأحزاب السياسية، يراعي من جهة، استحضارا للمهام المسندة بموجب الفصل السابع من الدستور إلى الأحزاب السياسية، تيسير مشاركتها في خوض غمار المنافسة الانتخابية بصرف النظر عن حجمها ووزنها، ويراعي، من جهة أخرى، مبدأ التناسب الوارد ضمنيا في مبدأ التمثيل الديمقراطي المقرر في الفقرة الأولى من الفصل 11 من الدستور؛
وحيث إنه، بناء على ذلك، فإن التغيير والتتميم المدخلين على المادتين 36 (الفقرة الأولى) و37 (الفقرة الأولى) المذكورتين ليس فيهما ما يخالف الدستور؛
فيما يخص المادتين 43 (فقرة ثالثة مضافة) و45:
حيث توجب الفقرة الثالثة المضافة إلى المادة 43 على كل حزب سياسي أن يرجع تلقائيا إلى الخزينة كل مبلغ لم يستعمله من الدعم أو المساهمة التي تلقاها برسم تغطية مصاريف تدبيره أو تمويل حملاته الانتخابية، وتنص المادة 45 على أنه، في حال عدم إرجاع هذا المبلغ، يوجه الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات إلى المسؤول الوطني عن الحزب إنذارا بهذا الشأن يترتب عن عدم الاستجابة له فقدان الحزب المعني، بحكم القانون وبكيفية فورية، حقه في الاستفادة من مجموع التمويل العمومي المقرر في القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية إلى حين تسوية وضعيته تجاه الخزينة ؛
وحيث إن الدعم المالي الذي تخوله الدولة للأحزاب السياسية يرمي إلى مساعدتها على النهوض بالمهام الموكولة إليها دستوريا في إطار المبادئ المحددة بموجب الفصل السابع من الدستور والذي أناط، بمقتضى الفقرة الأخيرة من فصله 147، بالمجلس الأعلى للحسابات مهمة تدقيق حسابات الأحزاب السياسية وفحص النفقات المتعلقة بعملياتها الانتخابية؛
وحيث إن المقتضيات المذكورة ترمي إلى ضمان استخدام الأموال العمومية للغايات المخصصة لها؛
وحيث إنه، بناء على ذلك، فإن التعديلات المدخلة على المادتين 43 و45 المذكورتين أعلاه مطابقة للدستور؛
فيما يخص المادة 55.1 (الفقرة الأولى):
حيث إن التعديل المدخل على الفقرة الأولى من هذه المادة يخول لحزبين سياسيين أو أكثر أن تؤلف تحالفا فيما بينها بمناسبة انتخاب أعضاء مجلس النواب، وينص على أن التحالف يسري على الصعيد الوطني، وعلى أنه لا يجوز لحزب سياسي أن ينتمي إلى أكثر من تحالف واحد برسم نفس الانتخابات؛
وحيث إن نهوض الأحزاب السياسية بالمهام المنوطة بها، بموجب الفصل السابع من الدستور، يتيح لها التعاون فيما بينها؛
وحيث إن التعاون بين الأحزاب السياسية يمكن أن يكتسي أشكالا عدة، من ضمنها التحالف بين حزبين أو أكثر؛
وحيث إنه، يعود للمشرع أن يخضع كل شكل من أشكال هذا التعاون لضوابط وشروط خاصة، طالما أنها لا تتعارض مع أحكام الدستور؛
وحيث إنه، ليس في الدستور ما يحول دون تأليف حزبين سياسيين أو أكثر لتحالف فيما بينها بمناسبة انتخاب أعضاء مجلس النواب، ما دامت لوائح الترشيح المقدمة بتزكية من هذا التحالف لخوض الانتخابات المذكورة يشار فيها إلى الانتماء السياسي لكل مترشح، وما دام المترشحون الذين يقوم التحالف بتزكيتهم في الدوائر الانتخابية التي يجري فيها الانتخاب عن طريق الاقتراع الفردي يشترط فيهم الانتساب وجوبا لأحد الأحزاب المؤلفة له، كما تنص على ذلك الفقرة الثانية من المادة 55.1 من الفرع الأول المكرر من القانون التنظيمي رقم 33.15 (16 يوليو 2015) القاضي بتتميم وتغيير القانون التنظيمي رقم 29.11 (22 أكتوبر 2011) المتعلق بالأحزاب السياسية؛
وحيث إن هذه الشروط تمكن الناخبين من التعرف المسبق على الانتماء السياسي للمترشحين في إطار تحالف انتخابي، وتتيح التعرف على عدد المقاعد التي أحرز عليها كل حزب سياسي ضمن هذا التحالف وبالتالي على الحزب الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب؛
وحيث إنه، بناء على ذلك، فليس في الفقرة الأولى من المادة 55.1 في صيغتها المعدلة ما يخالف الدستور؛
لهذه الأسباب:
أولاـ يصرح بأن القانون التنظيمي رقم 21.16 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون التنظيمي رقم 33.15، ليس فيه ما يخالف الدستور؛
ثانيا ـ يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الأربعاء 29 من شوال 1437 (3 أغسطس 2016)
الإمضاءات:
محمد أشركي
حمداتي شبيهنا ماء العينين ليلى المريني أمين الدمناتي
عبد الرزاق مولاي ارشيد محمد الصديقي رشيد المدور
محمد أمين بنعبد الله محمد الداسر شيبة ماء العينين محمد أتركين