المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المجلس الدستوري
ملف عدد: 16/ 1483
قرار رقم: 16/ 1012 م. د
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المجلس الدستوري،
بعد اطلاعه على القانون التنظيمي رقم 20.16 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، المحال إلى المجلس الدستوري بمقتضى رسالة السيد رئيس الحكومة، المسجلة بالأمانة العامة للمجلس في 28 يوليو2016، وذلك من أجل البت في مطابقته للدستور على وجه الاستعجال، وهو ما راعاه المجلس الدستوري؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو2011)، لاسيما الفصول 62 (الفقرة الثانية) و132 و177 منه؛
وبناء على المادة 48 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 29.93 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه، لا سيما المادتين 21 (الفقرة الأولى) و23 (الفقرة الأولى) منه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.165 بتاريخ 16 من ذي القعدة 1432 (14 أكتوبر 2011)؛
وبعد الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
أولاـ فيما يتعلق بالاختصاص:
حيث إن الفصل 132 من الدستور نص في فقرته الثانية على أن القوانين التنظيمية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، تحال إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور؛
وحيث إن المجلس الدستوري، القائم حاليا، يستمر في ممارسة صلاحياته إلى حين تنصيب المحكمة الدستورية، عملا بأحكام الفصل 177 من الدستور ومقتضيات المادة 48 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية التي جاءت تطبيقا له، الأمر الذي بموجبه يكون المجلس الدستوري مختصا بالبت في مطابقة القوانين التنظيمية للدستور؛
ثانيا ـ فيما يتعلق بالشكل والإجراءات المتبعة:
حيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف أن القانون التنظيمي رقم 20.16 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، جرى التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 23 يونيو 2016 طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وتم إيداعه بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب بتاريخ 27 يونيو 2016، وأن هذا المجلس لم يشرع في التداول فيه إلا بعد مرور عشرة أيام على إيداعه لدى مكتبه، وذلك في جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 20 يوليو2016 التي وافق خلالها على المشروع بالأغلبية، كما تداول في شأنه مجلس المستشارين وصادق عليه بالإجماع في الجلسة العامة المنعقدة بتاريخ 26 يوليو2016 والكل وفق أحكام الفصلين 84 و85 من الدستور؛
ثالثا ـ فيما يتعلق بالموضوع:
حيث إن القانون التنظيمي رقم 20.16، المعروض على نظر المجلس الدستوري، القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، يتكون من ثلاث مواد، تنص الأولى منها على تغيير وتتميم أحكام المواد 23 (الفقرتان الثانية والثامنة) و24 و84 (الفقرة الثانية) و85 (الفقرة السابعة ـ البند 3) من القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، وتنص الثانية على نسخ وتعويض أحكام المواد 32 و33 و40 من هذا القانون التنظيمي، وتنص الثالثة على أن أحكام القانون التنظيمي رقم 20.16 المذكور تطبق على الانتخابات العامة لأعضاء مجلس النواب التي ستجرى بعد تاريخ نشره في الجريدة الرسمية؛
وحيث إنه، يبين من فحص المواد الثلاث التي يتكون منها القانون التنظيمي رقم 20.16 أنها تكتسي صبغة قانون تنظيمي طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 62 من الدستور، وأن بعضها يثير، من حيث دستوريتها، الملاحظات التالية:
في شأن المادة الأولى:
فيما يخص المادة 23 (الفقرة الثانية):
حيث إن التغيير المدخل على الفقرة الثانية من هذه المادة يتمثل في فتح الجزء الثاني من لائحة الترشيح المتعلقة بالدائرة الانتخابية الوطنية، الخاص بالمترشحين الذين لا يزيد سنهم على أربعين سنة شمسية في تاريخ الاقتراع، للمترشحين من الجنسين معا، بعد أن كان الترشيح ضمن هذا الجزء مقتصرا في السابق على المترشحين الذكور دون الإناث؛
وحيث إن تمكين الإناث من الترشح ضمن الجزء الثاني من لائحة الترشيح المتعلقة بالدائرة الانتخابية الوطنية إلى جانب الذكور، يعتبر إجراء إضافيا لدعم تمثيلية النساء بمجلس النواب، إعمالا لما ورد في الفقرة الأولى من الفصل 30 من الدستور من أن القانون ينص على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية، ويعد خطوة أخرى في النهج الذي يجب أن تسعى الدولة من خلاله إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء، طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 19 من الدستور؛
وحيث إنه، بناء على ذلك، فإن الفقرة الثانية من المادة 23 في صيغتها المعدلة ليس فيها ما يخالف الدستور؛
فيما يخص المادة 84 (الفقرة الثانية):
حيث إن التغيير المدخل على الفقرة الثانية من هذه المادة يقضي بتخفيض نسبة الأصوات التي يتعين على لوائح الترشيح الحصول عليها للمشاركة في عملية توزيع المقاعد، إلى 3% من الأصوات المعبر عنها في الدائرة الانتخابية المحلية المعنية، بدلا من نسبة 6% التي كان معمولا بها سابقا؛
وحيث إن الدستور نص في الفقرة الأولى من فصله السابع على أن الأحزاب السياسية "تساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية"، وفي فصله 11 على أن "الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي"؛
وحيث إنه، بناء على ذلك، فإن تقليص المشرع لنسبة الأصوات التي يتعين على لوائح الترشيح الحصول عليها للمشاركة في عملية توزيع المقاعد من 6% إلى 3% من الأصوات المعبر عنها في الدائرة الانتخابية المعنية، يسير في اتجاه إعمال المبادئ الدستورية المذكورة، مما تكون معه الفقرة الثانية من المادة 84 في صيغتها المعدلة ليس فيها ما يخالف الدستور؛
في شأن المادة الثانية:
فيما يخص المادتين 32 و 40:
حيث إن المادة 32 في صيغتها الجديدة تخول جميع وكلاء لوائح الترشيح أو المترشحين الحق في تعليق الإعلانات الانتخابية، وتلزم أصحاب الإعلانات الانتخابية وكذا المؤسسات أو الأشخاص الذين يقومون بإعدادها أو تعليقها أو توزيعها التقيد بمقتضيات المادة 118 من القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية، كما منعت تعليق تلك الإعلانات في الأماكن والتجهيزات التي تحدد أصنافها بموجب مرسوم يحدد أيضا المواصفات المتعلقة بالإعلانات المذكورة؛
وحيث إن المادة 40 في صيغتها الجديدة تنص على أنه، "دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد، يعاقب بغرامة من 10.000 إلى 50.000 درهم عن كل إخلال بالقواعد المنصوص عليها في المادة 32 من هذا القانون التنظيمي"؛
وحيث إن الدستور نص في الفقرة الأولى من فصله 23 على عدم جواز متابعة أو إدانة أي شخص إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون، وفي البند 7 من الفقرة الأولى من فصله 71 على اختصاص القانون بتحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها؛
وحيث إنه، من جهة، لئن كانت المادة 40 المذكورة، فيما يخص تحديد القواعد التي يؤدي الإخلال بها إلى تطبيق العقوبات الواردة فيها، قد أحالت على المادة 32 آنفة الذكر، فإن هذه المادة أحالت بدورها على المادة 118 من القانون رقم 57.11 المذكور التي حددت بدقة المواد التي لا يجوز، بأي شكل من الأشكال، أن تتضمنها برامج الفترة الانتخابية والبرامج المعدة للحملة الانتخابية؛
وحيث إنه، من جهة أخرى، لئن كانت المادة 32 المذكورة أسندت إلى مرسوم تحديد أصناف الأماكن والتجهيزات التي يمنع تعليق الإعلانات الانتخابية فيها، وهو ما يؤدي إلى تطبيق الجزاءات الواردة في المادة 40 على الأشخاص الذين يخالفون المنع المذكور، فإن مبدأ مشروعية الجرائم والعقوبات المطبقة عليها المقرر دستوريا لا يحول دون إمكان إسناد المشرع إلى السلطة التنظيمية تحديد أصناف الأماكن والتجهيزات التي يمنع فيها تعليق الإعلانات الانتخابية؛
وحيث إنه، بناء على ذلك، فإن المشرع يكون، بموجب المادتين 32 و40 المذكورتين، قد حدد الأفعال التي تستدعي المتابعة أو الإدانة وكذا العقوبات المطبقة عليها، مما تكون معه مقتضيات هاتين المادتين ليس فيهما ما يخالف الدستور؛
لهذه الأسباب:
أولاـ يصرح بأن القانون التنظيمي رقم 20.16 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، ليس فيه ما يخالف الدستور؛
ثانيا ـ يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الأربعاء 29 من شوال 1437 (3 أغسطس 2016)
الإمضاءات:
محمد أشركي
حمداتي شبيهنا ماء العينين ليلى المريني أمين الدمناتي
عبد الرزاق مولاي ارشيد محمد الصديقي رشيد المدور
محمد أمين بنعبد الله محمد الداسر شيبة ماء العينين محمد أتركين