المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المجلس الدستوري
ملف عدد: 16/1479.
قرار رقم: 16/1010 م. د
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المجلس الدستوري،
بعد اطلاعه على القانون التنظيمي رقم 44.14 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، المحال على المجلس الدستوري بمقتضى رسالة السيد رئيس الحكومة، المسجلة بالأمانة العامة للمجلس في 16 يونيو 2016، وذلك من أجل البت في مطابقته للدستور؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو2011)، لاسيما الفصول 15 و132 و177 منه؛
وبناء على المادة 48 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 29.93 المتعلق بالمجلس الدستوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414(25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه، خصوصا المادة 24 منه؛
وبعد الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
أولاـ فيما يتعلق بالاختصاص:
حيث إن الفصل 132 من الدستور نص في فقرته الثانية على أن القوانين التنظيمية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، تحال إلى المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها للدستور؛
وحيث إن المجلس الدستوري، القائم حاليا، يستمر في ممارسة صلاحياته إلى حين تنصيب المحكمة الدستورية، عملا بأحكام الفصل 177 من الدستور ومقتضيات المادة 48 من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية التي جاءت تطبيقا له، الأمر الذي بموجبه يكون المجلس الدستوري مختصا بالبت في مطابقة القوانين التنظيمية للدستور؛
ثانياـ فيما يتعلق بالشكل والإجراءات المتبعة:
حيث إنه، يبين من الاطلاع على الوثائق المدرجة في الملف أن القانون التنظيمي رقم 44.14 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، المحال على المجلس الدستوري، جرى التداول في مشروعه بالمجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 14 يوليو 2015، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وتم إيداعه بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب بتاريخ 23 يوليو 2015، وأن هذا المجلس لم يشرع في التداول فيه إلا بعد مرور عشرة أيام على إيداعه لدى مكتبه، وذلك خلال جلسته العامة المنعقدة بتاريخ 27 يناير 2016 التي وافق خلالها على المشروع بالأغلبية، كما تداول في شأنه مجلس المستشارين وصادق عليه بالأغلبية في الجلسة العامة المنعقدة بتاريخ 31 مايو 2016، والكل وفق أحكام الفصلين 84 و85 من الدستور؛
ثالثاـ فيما يتعلق بالموضوع:
حيث إن الدستور يسند في الفقرة الثانية من فصله 15 إلى قانون تنظيمي تحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية؛
وحيث إن القانون التنظيمي رقم 44.14 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، المعروض على نظر المجلس الدستوري، يتكون من 18 مادة موزعة على أربعة أبواب، خصص الأول منها لأحكام عامة (المادتان الأولى والثانية)، والثاني لشروط تقديم العرائض (المواد 3 ـ 6)، والثالث لكيفيات تقديم العرائض والبت فيها (المواد 7 - 15)، والباب الرابع والأخير لأحكام متفرقة وختامية (المواد 16 ـ 18)؛
وحيث إنه، يبين من فحص هذه المواد مادة مادة أنها تكتسي طابع قانون تنظيمي وفقا لأحكام الفصل 15 من الدستور، وأنها من حيث مطابقتها للدستور يثير بعضها الملاحظات التالية:
في شأن المادة الثانية (البندان الثالث والرابع):
حيث إن هذه المادة، في بنديها الثالث والرابع، تشترط أن يكون أصحاب العريضة ومدعموها مقيدين في اللوائح الانتخابية العامة؛
وحيث إن السلطات العمومية التي توجه إليها العرائض منبثقة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن الانتخابات؛
وحيث إن ممارسة الديمقراطية المواطنة والتشاركية التي هي من مقومات النظام الدستوري للمملكة يجب أن تتم في نطاق ما كرسه الدستور في تصديره وفي فصله 37 من تلازم ممارسة الحقوق بأداء الواجبات، باعتبار أن التسجيل في اللوائح الانتخابية شرط لممارسة حق التصويت الذي هو أيضا واجب وطني، طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 30 من الدستور؛
وحيث إن الشرط المذكور من شأنه تحفيز المواطنات والمواطنين على الانخراط في الحياة الوطنية من خلال المشاركة في الانتخابات، إعمالا لما ينص عليه الدستور في فصله 11 من أن على السلطات العمومية أن تتخذ الوسائل الكفيلة بالنهوض بمشاركة المواطنات والمواطنين في الانتخابات؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق، يكون ما اشترطته المادة الثانية من هذا القانون التنظيمي في بنديها الثالث والرابع مطابقا للدستور؛
في شأن المادة الرابعة (البند الأول من الفقرة الأولى):
حيث إن هذه المادة نصت في البند الأول من فقرتها الأولى على أن العرائض تعتبر غير مقبولة إذا كانت تتضمن مطالب أو مقترحات أو توصيات تمس بالثوابت الجامعة للأمة، والمتعلقة، بصفة خاصة، بالدين الإسلامي أو بالوحدة الوطنية أو بالنظام الملكي للدولة أو بالاختيار الديمقراطي أو بالمكتسبات التي تم تحقيقها في مجال الحريات والحقوق الأساسية كما هو منصوص عليها في الدستور؛
وحيث إن الثوابت الجامعة للأمة وردت في الفقرة الثالثة من الفصل الأول من الدستور وفي الفصل 175 منه على سبيل الحصر؛
وحيث إن عبارة "بصفة خاصة" الواردة في البند المذكور تفيد إمكانية وجود ثوابت أخرى جامعة للأمة غير تلك المنصوص عليها في الدستور، الأمر الذي تكون معه هذه العبارة غير مطابقة للدستور؛
في شأن المادة السادسة (الفقرة الأخيرة):
حيث إن هذه المادة تنص، في فقرتها الأخيرة، على أن لائحة دعم العريضة يجب أن تكون موقعة على الأقل من قبل 5000 من مدعمي العريضة؛
وحيث إن ما تشترطه هذه المادة من وجوب توقيع لائحة دعم العريضة من قبل 5000 على الأقل من المدعمين يظل متناسبا مع طبيعة العريضة باعتبارها طلبا يتضمن مطالب أو مقترحات أو توصيات مقدمة إلى السلطات العمومية، وليس فيه بالتالي ما يحد من ممارسة المواطنات والمواطنين لهذا الحق؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق، يكون ما اشترطته المادة السادسة من هذا القانون التنظيمي في فقرتها الأخيرة ليس فيه ما يخالف الدستور؛
لهذه الأسباب:
أولاـ يصرح:
1. بأن عبارة "بصفة خاصة" الواردة في البند الأول من الفقرة الأولى من المادة 4 من القانون التنظيمي رقم 44.14 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية غير مطابقة للدستور؛
2. بأن باقي مقتضيات هذا القانون التنظيمي ليس فيها ما يخالف الدستور؛
3. بأن عبارة "بصفة خاصة" الواردة في البند الأول من الفقرة الأولى من المادة 4 المشار إليها أعلاه، المصرح بعدم مطابقتها للدستور، يمكن فصلها عن أحكام هذه المادة، ويجوز بالتالي إصدار الأمر بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 44.14 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، بعد حذف العبارة المذكورة؛
ثانيا- يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الثلاثاء 7 من شوال 1437 (12 يوليو 2016)
الإمضاءات:
محمد أشركي
حمداتي شبيهنا ماء العينين ليلى المريني أمين الدمناتي
عبد الرزاق مولاي ارشيد محمد الصديقي رشيد المدور
محمد أمين بنعبد الله محمد الداسر شيبة ماء العينين محمد أتركين