المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المجلس الدستوري
ملف عدد : 1436/15
قرار رقـم : 16/ 1006 م. إ
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المجلس الدستوري،
بعد اطلاعه على العريضة المسجلة بأمانته العامة بتاريخ 13 أكتوبر 2015، الـتي قدمها السيد محمد يعقوبي، بصفته والي جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، طالبا فيها إلغاء انتخاب السيد يوسف بنجلون عضوا بمجلس المستشارين على إثر الاقتراع الذي أجري في 2 أكتوبر 2015 لانتخاب أعضاء هذا المجلس في نطاق الهيئة الناخبة لممثلي غرف الصيد البحري "جهة طنجة - تطوان - الحسيمة"؛
وبعد الاطلاع على المذكرة الجوابية المسجلة بنفس الأمانة العامة في 8 فبراير 2016؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو2011)، خصوصا الفصلين 132 و177 منه؛
وبناء على المادة 48 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
وبناء على القانون التنظيمي رقـم 29.93 المتعلق بالمجلس الدستـوري، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.172 بتاريخ 24 من ذي الحجة 1432 (21 نوفمبر 2011)، كما وقع تغييره وتتميمه، خصوصا المادة 92 منه؛
وبعد الاطلاع على باقي الوثائق المدرجة في الملف؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
فيما يتعلق بالشكل:
حيث إن المطعون في انتخابه يدفع بعدم قبول عريضة الطعن بعلة أنها مقدمة من طرف الطاعن بصفته والي جهة طنجة - تطوان، ويطعن في انتخاب مستشارعن جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، الأمر الذي يجعله غير ذي صفة لتقديم الطعن عن جهة طنجة - تطوان دون الحسيمة؛
وحيث إنه، لئن كانت عريضة الطعن مقدمة من طرف السيد محمد يعقوبي بصفته والي جهة طنجة - تطوان، فإنه يتبين من الرجوع إلى المرسوم رقم 2.15.716 الصادر في 9 ذي الحجة 1436 (23 سبتمبر 2015) المتعلق بالتقسيم الإداري للمملكة أن الجهة التي واليها هو السيد محمد يعقوبي تشمل طنجة - تطوان - الحسيمة، مما يكون معه عدم ذكر الحسيمة في تقديم العريضة مجرد إغفال لا تأثير له؛
فيما يتعلق بالموضوع:
في شأن المأخذ الفريد المتعلق بأن الاقتراع لم يكن حرا وشابته مناورات تدليسية:
حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى أن العملية الانتخابية المطعون في نتيجتها لم تكن حرة وشابتها مناورات تدليسية أخلت بمبدإ المساواة بين المترشحين وأثرت في إرادة الناخبين وفي نتيجة الاقتراع، مما حدا بالسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بطنجة إلى طلب إجراء تحقيق في مواجهة المطعون في انتخابه، من أجل جرائم تقديم الرشوة والحصول أو محاولة الحصول على صوت ناخب أو عدة ناخبين بواسطة هدايا أو تبرعات نقدية، فتح له ملف تحت عدد 164/2015 ؛
وحيث إنه، يتبين من الاطلاع على محضر الضابطة القضائية رقم 422/ س/ش ق بتاريخ 5 أكتوبر 2015 المتعلق بتفريغ مضمون المكالمة الهاتفية الملتقطة للمطعون في انتخابه يوم ثاني أكتوبر 2015، بناء على أمر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بطنجة الصادر بتاريخ 29 سبتمبر 2015 تحت عدد 164/2015، أن المكالمة المذكورة تضمنت ما يلي:
- موافقة المطعون في انتخابه على ما اقترحه عليه مخاطبه بشأن إقناع أحد الناخبين للتصويت لفائدته مع اشتراطه عليه أن يقوم بذلك بنفس الطريقة المتفق عليها، أي "يعمل نفس الرشم" في ورقة التصويت، وجواب مخاطبه على ذلك بأنه، فيما يخصه، "مستعد لإدخال الهاتف معه بطريقة سرية إلى مكتب الاقتراع ليؤكد له التصويت لصالحه بالصورة"؛
- إعلان موافقته كذلك بالإيجاب من خلال قوله "يكون خير إن شاء الله" جوابا على ما طرحه عليه مخاطبه عندما تساءل بخصوص الناخب المعني: "قول لي أشنو غادي نفضي معه؟"؛
- امتناع المطعون في انتخابه عن الاستمرار في الحديث مع مخاطبه بشأن ما يمكن أن يقدم للناخب المعني من أجل التصويت عليه بالقول : "احنا تنهدروا دابا في التلفون، الله يهديك ..."؛
وحيث إنه، يبين من فحص مضمون المكالمة المشار إليها والتحقيق في المقصود من العبارات الصريحة والضمنية الواردة فيها، أن اشتراط المطعون في انتخابه وضع علامة مميزة على ورقة التصويت، واستعداد مخاطبه لاستعمال الهاتف النقال لإثبات التصويت لفائدته، ووعد المطعون في انتخابه بتقديم مقابل إلى ناخب معين، وتخوفه من مواصلة الحديث في الموضوع عبر الهاتف، كل ذلك يدل على استعماله لوسائل غير مشروعة لاستمالة الناخبين للتصويت لفائدته؛
وحيث إنه، لئن كان قاضي التحقيق والغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بطنجة قررا عدم متابعة المطعون في انتخابه، فإنهما اعتمدا في ذلك على ما تمسك به من إنكار الأفعال المجرمة المنسوبة إليه، ومن كون التحقيق لم يسفر عن أي دليل ضده؛
وحيث إنه، بغض النظر عن مآل قرار الغرفة الجنحية المذكور الذي طعنت فيه النيابة العامة أمام محكمة النقض، فإن إنكار المطعون في انتخابه للأفعال المنسوبة إليه، وعدم تمكن قاضي التحقيق من التوصل إلى اكتشاف دليل ضده، لا ينفي العناصر الواردة في المكالمة الهاتفية الملتقطة له، والتي تبعث - من الوجهة الانتخابية- بما تضمنته من عبارات صريحة وضمنية، على عدم الاطمئنان إلى حرية وصدق العملية الانتخابية المعنية التي يتعين على القضاء الانتخابي السهر على سلامتها في نطاق الاختصاص المسند إليه دستوريا للبت في صحة انتخاب أعضاء البرلمان، صيانة لمشروعية التمثيل الديمقراطي وثقة المواطنين في المؤسسات التمثيلية، مما يقتضي، في حال عدم الاطمئنان إلى نتيجة الانتخاب، الاحتكام من جديد إلى إرادة الناخبين؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق، تكون العملية الانتخابية موضوع الطعن قد شابتها مناورات تدليسية تدعو إلى عدم الاطمئنان على سلامة وصدق انتخاب المعني بالأمر عضوا بمجلس المستشارين، مما يتعين معه إلغاء انتخابه؛
لهذه الأسباب:
أولا ـ يقضي بإلغاء انتخاب السيد يوسف بنجلون عضوا بمجلس المستشارين على إثر الاقتراع الذي أجري بتاريخ 2 أكتوبر 2015 لانتخاب أعضاء هذا المجلس برسم الهيئة الناخبة لممثلي غرف الصيد البحري "جهة طنجة – تطوان – الحسيمة"، ويأمر بتنظيم انتخاب جزئي لشغل المقعد الشاغر طبقا لمقتضيات المادة 92 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين؛
ثانيا ـ يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس الحكومة وإلى السيد رئيس مجلس المستشارين وإلى الأطراف المعنية، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم الجمعة 4 من رمضان 1437 (10 يونيو 2016)
الإمضاءات:
محمد أشركي
حمداتي شبيهنا ماء العينين ليلى المريني أمين الدمناتي عبد الرزاق مولاي ارشيد
محمد الصديقي رشيد المدور محمد أمين بنعبد الله
محمد الداسر شيبة ماء العينين محمد أتركين