المملكة المغربية الحمد لله وحده،
المجلس الدستوري
ملفات عدد : 15/1432 و15/1437
و15/1450 و15/1462
قرار رقـم : 16/1004 م. إ
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
المجلس الدستوري،
بعد اطلاعه على العرائض الأربع المسجلة بأمانته العامة على التوالي في 13 و16 و19 أكتوبر 2015، الأولى والثانية قدمهما السيد خاليد سفير، بصفته واليا لجهة الدار البيضاء- سطات، طالبا فيهما إلغاء انتخاب السيدين حميد زاتني وجمال بن ربيعة عضوين بمجلس المستشارين على إثر الاقتراع الذي أجري في 2 أكتوبر 2015 لانتخاب أعضاء هذا المجلس في نطاق الهيئة الناخبة لممثلي المجالس الجماعية ومجالس العمالات والأقاليم "جهة الدار البيضاء ـ سطات"، والثالثة والرابعة قدمهما السيدان عبد الله لحسيني ـ بصفته ناخبا ـ ومحمد زهواني ـ بصفته مرشحا ـ طالبين فيهما إلغاء انتخاب السيد محمد مهدب عضوا بمجلس المستشارين عن نفس الهيئة المذكورة؛
وبعد الاطلاع على المذكرات الأربع المسجلة بنفس الأمانة العامة في 27 نوفمبر و23 ديسمبر2015 المدلى بها من طرف الطاعن الأول بعد أن منحه المجلس الدستوري، بناء على طلبه، أجلا إضافيا للإدلاء بجزء من المستندات؛
وبعد الاطلاع على المذكرات الجوابية المسجلة بالأمانة العامة المذكورة في 23 نوفمبر 2015 و19 و22 يناير 2016؛
وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو2011)، خصوصا الفصلين 132 و177 منه؛
وبناء على المادة 48 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)؛
وبنـاء على القانـون التنظيمـي رقـم 29.93 المتعـلق بالمجلـس الدستـوري، الصـادر بتنفيذه الظـهير الشــريف رقم 1.94.124 بتـاريخ 14 من رمضـان 1414 (25 فبراير 1994)، كما وقع تغييره وتتميمه؛
وبناء على القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.172 بتاريخ 24 من ذي الحجة 1432 (21 نوفمبر 2011)، خصوصا المادة 92 منه؛
وبعد الاطلاع على المستندات المدلى بها وتلك المستحضرة من طرف المجلس الدستوري، وعلى باقي الوثائق المدرجة في الملفات الأربعة؛
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون؛
وبعد ضم الملفات الأربعة للبت فيها بقرار واحد لتعلقها بنفس الهيئة الناخبة؛
من حيث الشكل:
حيث إن المطعون في انتخابهما السيدين جمال بن ربيعة ومحمد مهدب يدفعان، كل فيما يخصه، بعدم قبول عرائض الطعن الموجهة ضدهما على أساس:
1ـ مخالفتها للمادة 89 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين التي تنص على وجوب توجيه الطعن ضد قرارات مكاتب التصويت والمكاتب المركزية واللجنة الجهوية للإحصاء، وليس ضد المرشح المعلن عن فوزه؛
2ـ خرقها لمقتضيات المادة 31 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري، لعدم الإشارة فيها إلى جميع البيانات المتعلقة بصفة الطاعن والمطعون في انتخابه ولا يقتصر فيها على الإشارة إلى كون الطاعن ناخبا أو منتخبا، ولعدم الإدلاء بما يثبت صفة الطاعنين عبد الله لحسيني ومحمد زهواني كمرشحين لعضوية مجلس المستشارين، ولتوجيه الطعن المقدم من طرف السيد محمد زهواني ضد السيد محمد مهدب ومن معه دون بيان الأسماء العائلية والشخصية لهؤلاء، ولعدم إرفاقها بالمستندات المعززة للادعاءات الواردة فيها والتي لا يمكن الإدلاء بها لاحقا سواء بإذن من المجلس الدستوري أو بدون إذن منه، باعتبار أن هذا الإذن يمنح على سبيل الاستثناء ولا يمكن التوسع في تفسيره؛
3ـ عدم توجيه أي طعن من طرف الطاعنين الثاني والثالث ضد انتخاب السيد محمد مهدب عضوا في الجماعة الترابية لسيدي اسماعيل، باعتبار أن العضوية في هذه الجماعة هي التي أهلته للترشح لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين؛
4ـ سبق صدور حكم عن المحكمة الابتدائية بالجديدة بتاريخ 19 أغسطس 2015 في الملف رقم 17/2015 يقضي بقبول ترشيح السيد محمد مهدب لعضوية المجلس الجماعي لسيدي اسماعيل بإقليم الجديدة مع ما يترتب عن ذلك قانونا؛
5ـ خرق عريضة الطعن المقدمة من طرف السيد محمد زهواني لمقتضيات المادة 29 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري لتقديمها خارج الأجل القانوني المحدد في خمسة عشر يوما؛
لكن،
حيث إنه، من جهة، يبين من الاطلاع على عرائض الطعن الموجهة ضد المطعون في انتخابهما جمال بن ربيعة ومحمد مهدب، خلافا لما جاء في الادعاء، أنها :
1ـ تضمنت طلب إلغاء نتيجة انتخاب المطعون في انتخابهما، علما بأن هذه النتيجة تأسست على قرارات مكاتب التصويت والمكاتب المركزية وتم الإعلان عنها من لدن اللجنة الجهوية للإحصاء، طبقا لمقتضيات المادة 89 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين؛
2ـ تقيدت بمقتضيات المادة 31 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري، إذ أن صفة الطاعن التي تستوجب هذه المادة بيانها هي الصفة المشار إليها في المادة 89 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين والمحددة في الناخبين والمترشحين المعنيين بالأمر وفي ولاة الجهات وكاتب اللجنة الوطنية للإحصاء كل فيما يخصه، وقد قدمت عرائض الطعن المذكورة من طـرف السيد خاليد سفيـر بصفته واليـا لجهة الدار البيضاء ـ سطات، ومن طرف السيد عبد الله لحسيني بصفته ناخبا وأدلى لأجل ذلك بشهادة إدارية مسجلة تحت عدد 7 يشهد فيها رئيس الدائرة الحضرية عين الشق أن المعني بالأمر مسجل بالدائرة الانتخابية رقم 10 بالدار البيضاء تحت عدد 33900، ومن طرف السيد محمد زهواني بصفته مرشحا وهو ما يثبته محضر اللجنة الجهوية للإحصاء والوصل النهائي عن التصريح بالترشيح الذي أدلى به، وأن توجيه عريضة الطعن ضد المطعون في انتخابه محمد مهدب دون ذكر أسماء باقي المترشحين في لائحته ليس فيه ما يخالف القانون باعتبار أن الأسماء التي يجب أن تتضمنها عرائض الطعن هي أسماء المنتخبين المنازع في انتخابهم، كما أن عرائض الطعن أرفقت بجزء من المستندات وتم الإدلاء بالباقي بعد أن منح المجلس الدستوري للطاعن الأول، بناء على طلبه، أجلا إضافيا لذلك، طبقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 31 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري التي خولت لهذا الأخير سلطة تقديرية في منح هذا الأجل؛
وحيث من جهة أخرى:
3- إن القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين لا يربط الطعن في انتخاب أعضاء هذا المجلس ـ وهو طعن مستقل ـ بالمنازعة المسبقة في نتائج انتخابات الهيئات المؤهلة بموجب الفصل 63 من الدستور لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين؛
4- إن سبق صدور حكم عن المحكمة الابتدائية يقضي بقبول ترشيح المطعون في انتخابه لعضوية المجلس الجماعي، لا يحول دون إمكان نظر المجلس الدستوري من جديد في أهلية المعني بالأمر للترشيح بمناسبة بت المجلس في صحة انتخاب أعضاء مجلس المستشارين؛
5- إن المادة 29 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري تنص على أنه يحدد في خمسة عشر يوما من تاريخ الإعلان عن نتيجة الاقتراع الأجل الذي يتم داخله الطعن، طبقا للقانون، في انتخاب أعضاء البرلمان أمام المجلس الدستوري؛
وحيث إن أجل الطعن هو أجل كامل، وفقا للمادة 20 من القانون التنظيمي المذكور، لا يدخل في احتسابه اليوم الأول ولا اليوم الأخير؛
وحيث إنه، يبين من محضر اللجنة الجهوية للإحصاء أن نتيجة انتخاب أعضاء مجلس المستشارين في إطار الهيئة الناخبة لممثلي المجالس الجماعية ومجالس العمالات والأقاليم "جهة الدار البيضاء - سطات"، تم الإعلان عنها يوم 2 أكتوبر 2015؛
وحيث إن آخر أجل لتقديم الطعن كان هو يوم 18 أكتوبر 2015 الذي صادف يوم الأحد وهو يوم عطلة، مما جعل الأجل يمتد إلى أول يوم عمل يليه وهو 19 أكتوبر 2015 الذي سجلت فيه عريضة الطعن المقدمة من طرف السيد محمد زهواني بالأمانة العامة للمجلس الدستوري، مما يكون معه الطعن قدم داخل الأجل القانوني؛
وحيث إنه، تأسيسا على ما سبق بيانه، تكون الدفوع الشكلية المثارة غير مرتكزة على أساس صحيح من القانون؛
من حيث الموضوع:
أولا- فيما يخص الطعن الموجه ضد السيد محمد مهدب:
في شأن المأخذ الفريد المتعلق بعدم الأهلية للترشح:
حيث إن هذا المأخذ يقوم على دعوى أن المطعون في انتخابه غير مؤهل للترشح للانتخابات، لصدور قرار استئنافي ضده حائز لقوة الشيء المقضي به قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إدانته مع تتميمه جزئيا بحرمانه من حق الترشيح للانتخابات لمدتين انتدابيتين متواليتين، مما يتعين معه إبطال انتخابه طبقا لمقتضيات المادة 90 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين؛
وحيث إنه، يبين من الوثائق المدرجة بالملف وتلك المستحضرة من طرف المجلس الدستوري، أن المحكمة الابتدائية بالجديدة أصدرت حكما بتاريخ 5 ديسمبر2006 في الملف رقم 6269/2006 تحت عدد 8629 قضى بمؤاخذة المطعون في انتخابه بجنحة الحصول أو محاولة الحصول على صوت ناخب أو عدة ناخبين بفضل هدايا أو تبرعات قصد التأثير على تصويتهم والحكم عليه بسبعة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة نافذة قدرها 60.000 درهم، بناء على المواد 56 و58 و60 من القانون التنظيمي رقم 31.97 (4 سبتمبر 1997) المتعلق بمجلس النواب كما وقع تغييره وتتميمه بمقتضى القانون التنظيمي رقم 06.02 (3 يوليو 2002)، وعلى المادة 55 من القانون التنظيمي رقم 32.97 (4 سبتمبر1997) المتعلق بمجلس المستشارين، وعلى المادتين 100 و102 من القانون رقم9.97 المتعلق بمدونة الانتخابات (2 أبريل 1997)، وهو الحكم الذي أيدته محكمة الاستئناف بنفس المدينة بموجب قرارها رقم 352/2007 الصادر في فاتح فبراير2007 في الملف الجنحي عدد 3279/06 مع تتميمه جزئيا، وذلك بحرمان المطعون في انتخابه من حق الترشيح للانتخابات لمدتين انتدابيتين متواليتين بناء على المادة 104 من مدونة الانتخابات، وهو القرار الذي قضى المجلس الأعلى برفض طلب النقض المتعلق به بموجب قراره عدد 1821/3 بتاريخ 11 يوليو 2007؛
وحيث إنه، لئن كانت محكمة الاستئناف، في قرارها المشار إليه أعلاه القاضي بتتميم الحكم المستأنف جزئيا وذلك بحرمان المطعون في انتخابه من حق الترشح للانتخابات لمدتين انتدابيتين متواليتين، قد استندت في ذلك على المادة 104 من مدونة الانتخابات التي كانت تطبق على الانتخابات الجماعية وليس على انتخابات أعضاء مجلس المستشارين، فإن المادة 55 من القانون التنظيمي رقم 32.97 (4 سبتمبر1997) المتعلق بمجلس المستشارين، الذي كان ساري المفعول إذ ذاك، نصت على تطبيق العقوبات المقررة في الباب السادس من القانون التنظيمي رقم 31.97 (4 سبتمبر 1997) المتعلق بمجلس النواب على المخالفات المرتكبة بمناسبة انتخابات مجلس المستشارين، وقد تضمنت المادة 60 من هذا القانون التنظيمي، كما تم تعديلها بمقتضى القانون التنظيمي رقم 06.02 (3 يوليو2002) نفس العقوبة الواردة في المادة 104 من مدونة الانتخابات، إذ نصت على أنه "يترتب على العقوبات الصادرة بموجب المواد من 56 إلى 58 أعلاه الحرمان من التصويت لمدة سنتين ومن حق الترشح للانتخابات لمدتين انتدابيتين متواليتين"؛
وحيث إنه، لئن كان المطعون في انتخابه قد اكتسب، قبل تاريخ إجراء الانتخابات المتعلقة بمجلس المستشارين يوم 2 أكتوبر 2015، رد الاعتبار بحكم القانون بعد انقضاء فترة الاختبار المحددة في خمس سنوات بمقتضى المادة 689 من قانون المسطرة الجنائية، فإن رد الاعتبار هذا لا ينصرف إلى العقوبة الإضافية المتمثلة في الحرمان من الترشيح لمدتين انتدابيتين متواليتين المترتبة بحكم القانون عن العقوبة الأصلية، إذ بخلاف ذلك، فإن هذه العقوبة، باعتبارها ترمي إلى مؤاخذة مرتكبي المخالفات الانتخابية بعقوبة إضافية مستقلة جزاء لهم على إقدامهم على استخدام وسائل غير مشروعة لنيل الوظائف الانتخابية، ستفقد مبررها ومفعولها الزمني الذي يتجاوز فترة الاختبار المشار إليها في المادة 689 المذكورة؛
وحيث إنه، لتحديد مفهوم "المدتين النيابيتين المتواليتين" يتعين الرجوع في ذلك إلى أحكام الدستور والقانون المتعلق بالانتخاب الذي صدر في إطاره حكم حرمان المعني بالأمر من الترشح؛
وحيث إن المطعون في انتخابه كان قد أدين من طرف المحكمة الابتدائية بالجديدة لارتكابه جنحا انتخابية تتعلق بانتخاب أعضاء مجلس المستشارين، مما يجعل القانون التنظيمي لهذا المجلس ـ إلى جانب أحكام الدستور ـ هو القانون الواجب التطبيق فيما يخص مسألة حرمانه من الترشح؛
وحيث إنه، بالعودة إلى أحكام دستور 7 أكتوبر 1996، الذي كان ساريا تاريخ صدور قرار محكمة الاستئناف المذكور، يتبين أن الولاية النيابية لمجلس المستشارين كان قد حددها هذا الدستور، بموجب الفقرة الثانية من فصله 38، في تسع سنوات، وذلك بغض النظر عن تجديد ثلث أعضاء هذا المجلس كل ثلاث سنوات؛
وحيث إنه، إعمالا لذلك، فإن المدة النيابية الأولى تبتدئ من تاريخ أول انتخاب يلي التاريخ الذي صار فيه الحكم القاضي بحرمان المطعون في انتخابه من حق الترشح نهائيا (11 يوليو2007)، لتنتهي مبدئيا مع انتهاء مدة الولاية العادية لمجلس المستشارين التي كانت تبلغ إذاك تسع سنوات؛
وحيث إن الدستور الحالي، الصادر في 29 يوليو 2011، إن كان قد قلص مدة الانتداب النيابي لمجلس المستشارين إلى ست سنوات، فإن فصله 176 نص على استمرار مجلس المستشارين القائم إذ ذاك إلى حين انتخاب المجلس الذي سيخلفه، مما ترتب عنه استمرار ولاية المجلس السابق إلى غاية 2 أكتوبر 2015؛
وحيث إنه، بناء على ذلك، فإن المدتين الانتدابيتين المتواليتين اللتين يحرم خلالهما المطعون في انتخابه من الترشح للانتخابات، تبتدئ المدة الأولى منهما من تاريخ أول اقتراع جرى لانتخاب ثلث أعضاء مجلس المستشارين في 2 أكتوبر 2009، وتنتهي بتاريخ 2 أكتوبر 2015، وتسري المدة الثانية ابتداء من هذا التاريخ باعتباره تاريخ إجراء ثاني اقتراع يتعلق بانتخاب أعضاء مجلس المستشارين الموالي لتاريخ صيرورة الحكم بالإدانة نهائيا، وتستمر هذه المدة إلى حين تنظيم الاقتراع الموالي لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين بمناسبة انتهاء الولاية النيابية لهذا المجلس المحددة دستوريا في 6 سنوات، ماعدا إذا جرى قبل ذلك حل هذا المجلس وإجراء انتخابات سابقة لأوانها طبقا لأحكام الدستور؛
وحيث إنه، خلال الفترة التي تستغرقها المدتان الانتدابيتان المتواليتان لا يحق للمطعون في انتخابه الترشح لأي انتخاب تمثيلي عمومي، إعمالا لمقتضيات المادة 60 من القانون التنظيمي رقم 31.97 المتعلق بمجلس النواب المذكورة أعلاه، التي كانت سارية المفعول إذ ذاك؛
وحيث إنه، تأسيسا على ذلك، فإن المطعون في انتخابه لم يكن بتاريخ 2 أكتوبر2015، الذي جرى فيه انتخاب أعضاء مجلس المستشارين، قد أتم المدتين النيابيتين المتواليتين المحروم خلالهما من الترشح للانتخابات، مما يكون معه ترشحه للاقتراع المذكور مخالفا للقانون، الأمر الذي يتعين معه إلغاء انتخابه؛
ثانيا- فيما يخص الطعن الموجه ضد السيدين حميد زاتني وجمال بن ربيعة:
في شأن المأخذ الفريد المتعلق بكون الاقتراع لم يكن حرا وشابته مناورات تدليسية:
حيث إن هذا المأخذ يتلخص في دعوى أن العملية الانتخابية المطعون في نتيجتها لم تكن حرة، وشابتها مناورات تدليسية أخلت بمبدإ المساواة بين المترشحين وأثرت في إرادة الناخبين وفي نتيجة الاقتراع، مما حدا بالسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بسطات إلى طلب إجراء تحقيق في مواجهة المطعون في انتخابه السيد حميد زاتني فتح له ملف تحقيق تحت عدد 110/2015، وبالسيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالجديدة إلى طلب إجراء تحقيق في مواجهة المطعون في انتخابه السيد جمال بن ربيعة فتح له ملف تحقيق تحت عدد 92/2015، وذلك من أجل جرائم الإرشاء والحصول على صوت ناخب أو عدة ناخبين بفضل هدايا وتبرعات مادية أو وعد بوظائف عامة وهبات إدارية قصد التأثير على تصويت هيئة من الناخبين أو بعضا منهم؛
وحيث إنه، فيما يخص الطعن الموجه ضد السيد حميد زاتني، يتبين للمجلس الدستوري من الاطلاع على محضر الضابطة القضائية المؤرخ في 4 أكتوبر 2015 المتعلق بالتقاط وتسجيل مكالمتين هاتفيتين للمطعون في انتخابه بتاريخ 30 سبتمبر 2015، بنـاء على أمر قـاضي التحقيــق بمحكمـة الاستئنـاف بسطات الصادر بتاريخ 29 سبتمبر 2015 تحت عدد 98/15، ومن الفحص والتحقيق في مضمونهما وملابساتهما ومدلول العبارات المتبادلة أثناءهما:
ـ أن المكالمة الهاتفية الأولى إن كان المطعون في انتخابه في بدايتها صارما في حديثه مع مخاطبه من أن اجتماعه مع بعض الناخبين لا يمكن أن يكون موضوع مساومات مالية، فإنه في نهايتها لم يمانع فيما اقترحه عليه مخاطبه من أن يتولى شخصيا الأداء بدلا عنه، رغبة منه في فوز صديقه المطعون في انتخابه بالعضوية في مجلس المستشارين؛
ـ أن ما ورد في المكالمة الثانية من سؤال المطعون في انتخابه لمخاطبه باستعمال كلمات مرموزة "كيف هو سوق الغنم، هل هناك خمسة أكباش"، وإخباره له "بالثمن التقريبي للأكباش"، وعدم اكتراثه لتنبيه مخاطبه له بعدم مواصلة الحديث في هذا الرقم الهاتفي ومطالبته له بتمكينه من رقم هاتفي آخر للحديث معه بشأن موضوع "بيع وشراء الأغنام" دليل على أن المكالمة كانت تهم موضوع الانتخابات وتتعلق بممارسات غير مشروعة؛
وحيث إنه، فيما يخص الطعن الموجه ضد السيد جمال بن ربيعة، تبين للمجلس الدستوري، من الاطلاع على محضر الضابطة القضائية المؤرخ في 4 أكتوبر 2015 المتعلق بالتقاط وتسجيل ثلاث مكالمات هاتفية، بناء على أمر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالجديدة، الصادر في 29 سبتمبر2015 تحت عدد 92/15، أجراها المطعون في انتخابه المذكور مع الغير أثناء الحملة الانتخابية، ومن فحص مضمون هذه المكالمات والتحقيق في المقصود من العبارات الصريحة والضمنية الواردة فيها، أنها تضمنت كلمات دالة وتلميحات بينة تفيد قيام المطعون في انتخابه بمناورات تدليسية، تمثلت في:
ـ ما أبداه في المكالمة الأولى من موافقته على ما اقترحه عليه مخاطبه من ضرورة الاتصال بعدد معين من الناخبين قصد الاتفاق معهم، وما يمكن عرضه عليهم مقابل توقيعات لضمان تصويتهم لفائدته؛
ـ ما تضمنته المكالمة الثانية من اقتراح موجه للمطعون في انتخابه من طرف مخاطبه بواسطة عبارات مرموزة حول ما إذا كانت له "رغبة في شراء قطيع من الغنم"، وما جاء في جوابه له من تنبيهه بأنهما يتكلمان في الهاتف، وعدم مواصلة الحديث في هذا الموضوع الذي من شأن الخوض فيه "أن يقوده إلى السجن"؛
ـ ما ورد في المكالمة الثالثة من موافقة المطعون في انتخابه على ما اقترحه عليه مخاطبه من العمل على استرجاع ما تم تقديمه من مال، لاحتمال تراجع الناخبين المتفق معهم على التصويت لفائدته، مع طلبه، بحدة، من مخاطبه عدم الحديث في هذا الموضوع (المرتبط باستعمال المال لاستمالة الناخبين) عبر الهاتف؛
وحيث إنه، لئن كان قاضي التحقيق والغرفة الجنحية بمحكمتي الاستئناف بسطات والجديدة قررا عدم متابعة المطعون في انتخابهما السيدين حميد زاتني وجمال بن ربيعة، فإنهما اعتمدا في ذلك على الشك والاحتمال، وعلى أن بعض العبارات المستعملة في المكالمات الهاتفية المذكورة لها أكثر من مدلول، مما يجب معه تفسيرها لصالح المتهم؛
وحيث إن الدستور أسند، بموجب الفقرة الأولى من فصله 132، إلى المحكمة الدستورية صلاحية البت في "صحة انتخاب أعضاء البرلمان"؛
وحيث إن البت في صحة انتخاب أعضاء البرلمان، لئن كان يتكامل مع القضاء الزجري من حيث الحرص على ردع المخالفات الانتخابية، فإن القضاء الانتخابي يتميز عن القضاء الزجري من حيث الأسس التي يعتمد عليها والغاية التي يسعى إلى تحقيقها وطبيعة الجزاء الذي يقضي به، فإذا كان القضاء الزجري، من أجل حماية المجتمع والأفراد والنظام العمومي، يعاقب مرتكبي الأفعال المجرمة قانونا بجزاءات تنصب على حريتهم وأموالهم، الأمر الذي يوجب عليه عدم التوسع في تفسير المقتضيات الجنائية وتفسير الشك لصالح المتهم معتمدا في كل ذلك على القطع واليقين، فإن القضاء الانتخابي، حرصا منه على صحة الانتخاب بما ينطوي عليه ذلك من صيانة مشروعية التمثيل الديمقراطي وثقة المواطنين في المؤسسات التمثيلية، قد يقضي بإلغاء نتيجة الانتخاب المعني إذا تأكد له وجود أفعال أو ممارسات مخالفة للقانون أو تشكل مناورات تدليسية تدعو إلى الشك وعدم الاطمئنان إلى حرية وصدق العمليات الانتخابية، وذلك قصد فسح المجال للاحتكام من جديد إلى إرادة الناخبين؛
وحيث إنه، من خلال ما سبق بيانه، اتضح للمجلس الدستوري أن العناصر الواردة في محضري المكالمات الهاتفية التي أجراها المطعون في انتخابهما السيدان حميد زاتني وجمال بن ربيعة مع الغير، وما تضمنته من كلمات مرموزة، في سياق انتخابي، تدل على أن العملية الانتخابية شابتها مناورات تدليسية تدعو إلى عدم الاطمئنان إلى سلامة وصدق انتخابهما عضوين بمجلس المستشارين، مما يتعين معه إلغاء نتيجة انتخابهما؛
وحيث إنه، بالنظر لطبيعة نمط الاقتراع اللائحي، التي تجعل المرشحين في لائحة ترشيح معينة يستفيدون جماعيا من الأصوات التي نالتها هذه اللائحة، فإن إلغاء انتخاب أحد الفائزين فيها، بسبب مخالفات انتخابية، يستدعي الإبطال الكلي للنتيجة التي حصلت عليها تلك اللائحة؛
وحيث إنه، يبين من محضر اللجنة الجهوية للإحصاء المتعلق بالاقتراع موضوع الطعن، أن لائحة الترشيح التي وكيلها المطعون في انتخابه السيد جمال بن ربيعة فازت بمقعدين، ثانيهما آل إلى السيدة مينة عفان، مما يتعين معه إلغاء انتخابهما معا؛
لهذه الأسباب:
أولا- يقضي بإلغاء انتخاب السادة محمد مهدب وحميد زاتني وجمال بن ربيعة والسيدة مينة عفان أعضاء بمجلس المستشارين على إثر الاقتراع الذي أجري في 2 أكتوبر 2015، في نطاق الهيئة الناخبة لممثلي المجالس الجماعية ومجالس العمالات والأقاليم "جهة الدار البيضاء ـ سطات"، ويأمر بتنظيم انتخاب جزئي لشغل المقاعد الأربعة الشاغرة طبقا لمقتضيات المادة 92 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين؛
ثانيا – يأمر بتبليغ نسخة من قراره هذا إلى السيد رئيس الحكومة، والسيد رئيس مجلس المستشارين والأطراف المعنية، وبنشره في الجريدة الرسمية.
وصدر بمقر المجلس الدستوري بالرباط في يوم السبت 28 من شعبان 1437 (4 يونيو 2016)
الإمضاءات:
محمد أشركي
حمداتي شبيهنا ماء العينين ليلى المريني أمين الدمناتي
عبد الرزاق مولاي ارشيد محمد الصديقي رشيد المدور
محمد أمين بنعبد الله محمد الداسر شيبة ماء العينين محمد أتركين